المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

البوكر العربية.. مَن يفوز بالجائزة الروائية الأشهر فى الوطن العربى؟

حرف

- رئيس مجلس الأمناء: نحن الجائزة الروائية الأولى فى الوطن العربى

- المصرى الوحيد فى القائمة القصيرة: أسعى لكتابة أدب يعيش أكثر منى

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية، الأربعاء الماضى، عن القائمة القصيرة للروايات المرشحة للفوز بالجائزة فى دورتها الثامنة عشرة، على أن يُعلن عن الرواية الفائزة، فى العاصمة الإماراتية أبوظبى، يوم الخميس 24 أبريل المقبل.

وأعلنت منى بيكر، رئيس لجنة تحكيم الجائزة، عن القائمة القصيرة، فى مؤتمر صحفى عُقد بمكتبة الإسكندرية، التى ضمت 6 روايات من مختلف الدول العربية، هى: «دانشمند» للموريتانى أحمد فال الدين، و«وادى الفراشات» للعراقى أزهر جرجيس، و«المسيح الأندلسى» للسورى تيسير خلف، و«ميثاق النساء» للبنانية حنين الصايغ، و«صلاة القلق» للمصرى محمد سمير ندا، و«ملمس الضوء» للإماراتية نادية النجار. والجائزة العالمية للرواية العربية التى يُطلق عليها «البوكر العربية»، هى جائزة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائى باللغة العربية، وتبلغ قيمة الجائزة التى تُمنح للرواية الفائزة 50 ألف دولار، وتُقام برعاية مركز أبوظبى للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة فى الإمارة. وتهدف الجائزة العالمية للرواية العربية، وفق موقعها الرسمى، إلى مكافأة التميّز فى الأدب العربى المعاصر، ورفع مستوى الإقبال على قراءة هذا الأدب عالميًا، من خلال ترجمة الروايات الفائزة التى وصلت إلى القائمة القصيرة إلى لغات رئيسية أخرى ونشرها.  وفازت رواية «قناع بلون السماء»، للأسير الفلسطينى باسم خندقجى، بالجائزة فى دورتها السابعة عشرة لعام 2024، بينما حصدت «تغريبة القافر» للعمانى زهران القاسمى على الجائزة فى 2023، بعد عام من فوز رواية «خبز على طاولة الخال ميلاد» لليبى محمد النعّاس فى 2022.

ياسر سليمان

ياسر سليمان:  كل عواصم العالم تتابع المسابقة سنويًا

أكد الدكتور ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية، الأهمية الكبيرة للجائزة لصالح الإبداع، فى ظل دعمها الثقافة العربية على مستوى الرواية، ومساهمتها فى إفراز كتاب جدد على الساحة الثقافية العربية كل عام.

وقال «سليمان»، فى تصريحات لـ«حرف»: «لدينا جوائز ثقافية كثيرة فى الوطن العربى، تدعم الثقافة العربية وكُتابنا فى مختلف الدول، وبتوفيق الله أصبحت الجائزة العالمية للرواية العربية الأولى فى الوطن العربى، والنافذة التى ينظر إليها الناس من الخارج على ما يدور فى الساحة الثقافية العربية، وتحديدًا الجنس الروائى».

الزميلة ياسمين عباس مع ياسرسليمان

وأضاف رئيس مجلس أمناء «البوكر العربية»: «الجائزة أصبحت حلقة وصل مهمة بين الثقافة العربية والأدب العربى، والمهتمون بتوسيع أفقهم الثقافى والأدبى خارج الدول العربية، لذا، تنبع أهميتها من أنها جائزة عربية وليست قطرية، وجائزة لعمل واحد، و لا تولى أهمية لشهرة الكاتب، فالعامل الأساسى للفوز بها هو العمل الروائى فقط».

وواصل: «الجائزة أفرزت كُتّابًا جددًا لم يكونوا معروفين على الساحة الثقافية العربية، وبالتالى لها فضل فى تجديد ودعم الرواية، وأصبحت تمثل جسرًا لعبور الرواية العربية إلى مختلف دول العالم، فالآن لندن ونيويورك وطوكيو وبكين تنتظر إعلان القائمة القصيرة، وهذا شىء يفرحنى كثيرًا كشخص يؤمن بأن هناك ثقافة عربية تجمعنا جميعًا ولا تفرقنا، وهى ثقافة منفتحة على الآخرين، على العالم ككل»

وكشف عن أسباب اختيار مكتبة الإسكندرية لإعلان القائمة القصيرة هذا العام، قائلًا: «الإسكندرية بلد ثفافة وعلم، لها تاريخ وباع، وانفتحت على العالم والثقافات جميعًا، بلد لا يمكن العبور إلى مصر إلا من خلالها، فهى ليست نافذة وإنما بوابة كبيرة جدًا»، مضيفًا: «كما أن مكتبة الإسكندرية ترميز وتشفير لهذه الأهمية، ولها دور فى دعم الثقافة العربية، والانفتاح بأصالة، وبالتالى فإن إعلان الجائزة بها عبارة عن زواج صُنع فى الجنة».

سألناه: هل هناك معايير معينة تعتمد عليها الجائزة فى اختيار المرشحين ثم الفائز النهائى فقال: «لا استطيع أن أحكم على ذلك، فالجائزة تقترب من الـ٢٠ عامًا، وهى تبحث دائمًا عن التميز فى الأعمال، فنحن نختار أعمالًا متميزة من بين ما يُقدَم لنا».

وأضاف رئيس مجلس الأمناء: «هناك رسائل دكتوراه فى أمريكا أُعدت وقُدمت عن الجائزة. وفى كل الأحوال، نستهدف أعمالًا لقراءة الحاضر، حتى بما فيها الأعمال التاريخية. عندما تقرأ الأدب أنت تقرأ طبقة جيولوجية فى حياة المجتمعات، لذا، هناك أشكال ومضامين مختلفة. كما أن الذائقة الأدبية للجنة التحكيم مهمة، ولو كانت هناك لجنة أخرى هذا العام لكانت أفرزت موضوعات أخرى».

وتطرق إلى خطط مركز أبوظبى للغة العربية لدعم «البوكر العربية»، مُبينًا فى البداية أن الجائزة ليست تابعة للمركز، وإنما هو راعٍ لجائزة مستقلة مُسجلَة فى بريطانيا، وتعمل هناك، بينما هذه الجائزة عربية منفتحة على العالم، مضيفًا: «نعمل بمعزل عن الراعى، من حيث الاختيارات وطريقة العمل وغير ذلك، والراعى نفسه يفهم ويريد أن يحافظ على ذلك، باعتبار ذلك من المصداقية المطلوبة».

وواصل رئيس مجلس أمناء جائزة «البوكر العربية»: «نحن كمجلس أمناء لا نتدخل فى أى صغيرة أو كبيرة فى أعمال لجنة التحكيم واختياراتها، وهذه الاستقلالية مهمة جدًا. نحن جائزة قائمة بذاتها يرعاها مركز أبوظبى للغة العربية، الذى نتعامل معه بكل احترام ومهنية واحترافية، وهو نفسه لا يسمح بالتدخل فى أعمالنا».

ونفى إمكانية أن تطلق الجائزة أسماء المبدعين على دوراتها المقبلة، قائلًا: «لا. كل جائزة تختار طريقتها فى العمل والآليات. نحن نحترم ونعتز بكل من يعمل فى الثقافة العربية. لكن مقترح كهذا يمكن أن يتسبب فى خلافات، وفى كل الأحوال، الجائزة للنصوص وليس للكُتاب».

واختتم بالحديث عن الورش التى تنظمها الجائزة، من بينها ورشة الكتابة الإبداعية بالتزامن مع الدورة الرابعة عشرة، وصولًا إلى ورشة للتحرير الأدبى هذا العام، وتدور حول كيفية مساعدة المحرر للكاتب على زيادة جاذبية النص، ليس من الناحية اللغوية بل البنائية، أى ما يتعلق بتنامى الأحداث والشخوص، فى إطار سعينا لتنمية «الصنعَة الروائية» فى الوطن العربي.

محمد سمير ندا

محمد سمير ندا: «صلاة القلق» زجل تحول إلى رواية

تأهلت رواية «صلاة القلق»، للكاتب المصرى محمد سمير ندا، إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام ٢٠٢٥، لتكون العمل الروائى المصرى الوحيد الذى ينافس على الجائزة المرموقة هذا العام.

يأتى هذا الترشيح كتتويج لمسيرة «ندا» الأدبية، من خلال رواية تقدم رؤية عميقة تجمع بين القلق الوجودى والإنسانى، فى إطار سردى متميز، ما يجعلها إضافة قوية للمشهد الأدبى العربى.

وقال محمد سمير ندا، فى تصريحات لـ«حرف»، إنه يتابع الجائزة العالمية للرواية العربية منذ ٢٠١٨، وكل عام كان ينتظر الإعلان عن القائمة الطويلة، ويكتب توقعاته حول الأعمال المرشحة. 

وأضاف «ندا»: «لكن هذا العام وجدت نفسى فجأة ضمن القائمة القصيرة، وبصراحة (اتخضيت) من المفاجأة، خاصة أنه تم إعلانها من مصر، ولم أتابعها عبر الإنترنت كالعادة، لذا كنت فى حالة ترقب وتوتر شديدين بانتظار الإعلان، خاصة أن الجائزة تُعد واحدة من أهم الجوائز الأدبية العربية».

وواصل: «الجائزة رائدة فى فتح الباب أمام الجوائز الأدبية الكبرى فى العالم العربى، وتم تأسيسها برعاية (البوكر البريطانية)، وأصبحت تُعرف باسم الجائزة العالمية للرواية العربية، وهى تُعتبر من أبرز الجوائز الأدبية فى المنطقة، وكانت مصر من أولى الدول التى فازت بها عبر الكاتب الراحل بهاء طاهر والدكتور يوسف زيدان فى دورتين سابقتين».

وعن روايته «صلاة القلق»، قال محمد سمير ندا إنه بدأ كتابتها منذ عام ٢٠١٧، وتدور فكرتها الرئيسية حول السيطرة على العقل، وإعادة تشكيل الوعى الجمعى بما يخدم طرفى النزاع على السلطة، وهما السلطتان السياسية والدينية، مشيرًا إلى أنه كتب الفكرة فى البداية على شكل زجل شعرى بالعامية، ثم تطورت لتصبح رواية كبيرة تدور أحداثها بين عامى ١٩٦٧ و١٩٧٧.

وأوضح أن الرواية تتحدث عن قرية معزولة يعيش سكانها تحت تأثير فكرة الانتصار الزائف وتحرير فلسطين، ويعتقدون أن اليهود يعيشون فى مستوطنات على حدود سوريا والأردن، فى حين أن الواقع معكوس وغير صحيح، وهذا الوضع المقلوب يؤدى إلى انتشار «وباء القلق» بين السكان، ما يدفعهم إلى التساؤل والتفكير والبحث عن الحقيقة. 

وأضاف: «بداخلى مخزون من الهم الشخصى، فالسياسة والمجتمع مرتبطان ببعضهما، لأنهما نسيج واحد، وأترك نفسى لما تود الرواية حكايته، وما يشغلنى دائمًا هو ما أريد قوله، سواء فى إطار رومانسى أو اجتماعى، على أن يكون له إسقاط سياسى محدد».

وأكد أنه حزن عندما انتهى من كتابة الرواية، ولم يشغله كثيرًا موضوع نشرها، مشيرًا إلى أنه تواصل مع عدد من دور النشر، لكنه لم يتلقَ أى رد أو تعليق، باستثناء بعض الرفض، ومع ذلك، بقى العمل تعبيرًا قويًا عن رحلة البحث عن الحقيقة فى ظل واقع مشوه ومقلوب.

وأضاف أنه لم يكن يفكر أبدًا فى ترشيح الرواية لجائزة «البوكر العربية»، خاصة أنها كانت مُهمَلة فى الدرج لفترة طويلة، متابعًا: «أحترم دور النشر الكبيرة التى رفضت نشر الرواية، سواء فى مصر أو العالم العربى».

وواصل: «بعد أن كنت قد فقدت الأمل تقريبًا، تعرفت بالصدفة على صاحب دار نشر (مسكيليانى) عبر موقع (فيسبوك)، وبدأت بيننا صداقة افتراضية، وحدثته عن الرواية وأرسلتها له، وبعد عدة أشهر، أعجب بها ووافق على نشرها».

وأكمل: «عندما أُعلن عن فتح باب الترشح لجائزة (البوكر)، طلب صاحب الدار منى ملء استمارة التقديم، فسألته: هل للرواية أى حظ فى البوكر؟، فأجابنى بثقة: نعم، لم لا؟ ما الذى يمنع ذلك؟».

ووجه كل الشكر لصاحب الدار، لأنه كان السبب الرئيسى فى نشرها، وفى وصولها إلى القائمة القصيرة للجائزة الشهيرة، مضيفًا: «لولا دعمه وإيمانه بالرواية، لما كانت ترى النور أو تحقق هذا الإنجاز».

وكشف أنه قبل هذه الجائزة صدرت له روايتان، وحققتا انتشارًا مقبولًا بالنسبة لاسمه ككاتب. أما عن «صلاة القلق»، فتم استقبالها فى البداية بهدوء، لكن بعد إعلانها فى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، توجهت الأنظار إليه بشكل كبير، خاصة أنه المصرى الوحيد فى القائمة، مؤكدًا أنه كان يتمنى أن يكون هناك أكثر من كاتب مصرى، حتى «لا يتحمل المسئولية وحده».

وأضاف: «أصبحت الآن حاملًا لهذا العبء، ولا أعرف بالضبط ماذا أفعل، فالجميع يضع آمالًا كبيرة علىّ. أعترف أن جميع الأعمال المُقدمة إلى الجائزة ممتازة، وأنا سعيد جدًا بوصولى إلى القائمة القصيرة. هذا الإنجاز ليس لى وحدى، بل ثمرة دعم الكثيرين، خاصة دار (مسكيليانى) التى آمنت بالرواية ونشرتها. هذه الخطوة أعطتنى دفعة كبيرة، وأنا ممتن لكل من ساندنى فى هذه الرحلة».

وشدد على أن الجائزة ستؤثر على أعماله المستقبلية، مضيفًا: «سعيد جدًا، وحزين لغياب والدى، وكنت سأفرح بوجوده، خاصة أنه كان داعمى الأول»، معتبرًا أن «الروايات الجيدة ستنجح حتى بعد ٥٠ عامًا، لأنها جيدة، وليس لأنها فازت بجائزة. أحاول دائمًا أن أعمل جاهدًا لتقديم عمل جيد للقارئ، وأسعى لكتابة أدب يعيش أكثر منى».

وعن رأيه فى الواقع الأدبى فى ظل انتشار «الذكاء الاصطناعى»، قال «ندا»: «الذكاء الاصطناعى مصيبة سوداء، نحن سندخل على عصر لا نعرف ما الذى سيحدث فيه، وخلال سنوات ستكون لدينا رواية لا تعرف من كتبها، هل بشر أم آلة».

وأضاف: «لا أعرف ما الذى سيحدث بخصوص هذه الإشكالية، لذا لا بد أن نحترس من الثورة التكنولوجية، وأن نهتم أكثر بتدريس وتعليم النقد، وأيضًا الاهتمام بالنقاد، بحيث يكون لدينا آلة فرز بشرية وليست إلكترونية».