الثلاثاء 01 أبريل 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

كيف نجحت بلالين زكية زكريا فى لم شمل المصريين لسنوات؟

حرف

فى العام ١٩٩١ وبعد دقائق من أذان مغرب اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، كان الشعب المصرى على موعد مع انطلاقة مدفع ضحكات من القلب لا يقل فى صداه عن مدفع الإفطار الذى ينتظره الصائمون بلهفة، حيث أصبحوا ينتظرون يوميًا مقلب إبراهيم نصر وكاميرته الخفية واللقطات الطبيعية التلقائية التى تنتزع منهم الضحكات بسهولة دون مبالغة أو اصطناع، وتحول البرنامج إلى طقس يومى على مائدة إفطار المصريين كالكنافة والقطايف يحلى طعم الأيام.

ولأن اللقطات اللى واخدينها كلها طبيعية كما جاء فى تتر البرنامج الأشهر فى فترة التسعينيات وبداية الألفينيات، نجح البرنامج فى لم شمل المصريين الباحثين عن الضحكة التى لم تكن عرفت صناعتها بعد الابتذال والتنمر، حيث كانت التلقائية أداتها الوحيدة، من خلال مواقف كوميدية يمر بها الفنان إبراهيم نصر فى الشارع المصرى، مستعينًا ببعض أدوات التنكر من مكياج وملابس حتى ينجح فى خداع الضحية وإقناعها بأنه الجزار أو الفكهانى وغيره من الأدوار والشخصيات التى قدمها والتى لم ولن ينساها المشاهدون، بل ومازالت حتى الآن تجعل من يمر عليها بالمصادفة حال إعادة إذاعتها يضحك من القلب كأنه أول مرة يشاهدها فى سابقة نادرة التكرار تحدث لبرنامج يعيش هذه السنوات دون أن يفقد بريقه.

ورغم هذا النجاح الساحق إلا أن إبراهيم نصر، وبحس الفنان الكوميدى الموهوب، صاحب الضمير الفنى وهذه الصفة الأهم تسلل إليه فى العام ١٩٩٨ شعور بأن الشخصيات التى يقدمها خلال المقالب بدأت تبهت قليلًا ويعتاد عليها المشاهد وهو الأمر الطبيعى بحكم مرور السنوات، ليبدأ نصر فى تغيير جلده سريعًا من خلال شخصية «زكية زكريا» المرأة البدينة، التى لا تترك نوعًا من أنواع مساحيق التجميل إلا وتلطخ به وجهها مع باروكة غريبة الشكل وتبدأ هذه السيدة فى افتعال المواقف الكوميدية مع الضحايا فى الشارع، مستعينة ببعض شركاء النجاح مثل شخصية تقاوى التى قدمها الفنان مجدى رجب، أو من خلال بعض المصطلحات التى تحولت فيما بعض إلى أيقونات كوميدية مثل انفخ البلالين يا نجاتى أو إوعى الجمبرى يعضك ولما أقولك بخ تبخ، وغيرها من المواقف والاسكتشات التى أثرت قلوب المشاهدين وجعلتهم على ثقة فى الحصول على جرعة كوميديا يوميًا تغنيهم عن حلوى رمضان.

على مدار حوالى ١٧ عامًا نجح إبراهيم نصر بمعاونة المخرج الكبير رائد لبيب فى تقديم وجبة كوميدية معتبرة بلغة السوق، حيث قدم الثنائى حوالى ٥٦١ حلقة من حلقات الكاميرا الخفية كان خلالها البرنامج ركيزة أساسية فى الموسم الرمضانى حظى خلالها البرنامج بنسب مشاهدة قياسية بالمقارنة بباقى البرامج المعروضة فى هذه الآونة. 

كاميرا إبراهيم نصر، وعلى الرغم من هذا النجاح الساحق، إلا أنها لم تسلم من بعض الانتقادات حين عرضها حيث وجه إليها البعض سهام النقد من منطلق أن شخصية زكية زكريا أصبحت مألوفة لدى المشاهدين ما يصنع حالة من الشك أن الحلقات قد تشهد بعض الفبركة أو الاتفاق المسبق فى هدم لفكرة التلقائية التى هى أساس نجاح البرنامج، إلا أن إبراهيم نصر خرج فى أحد اللقاءات التليفزيونية شاهرًا سيفه، مدافعًا عن برنامجه، كشف فيه أن حلقات شخصية زكية زكريا تم تصويرها فى وقت واحد قبل إذاعتها على المشاهدين، بمعنى أن شخصية زكية زكريا لم تصبح معلومة لدى المشاهد إلا بعد عرضها ومن ثم لم يتم تصوير حلقات أخرى بعد عرض البرنامج، كما أكد إبراهيم نصر، فى حوار صحفى له، أن ٣٥ شخصًا من ضحايا مقالب الكاميرا الخفية رفضوا إذاعة حلقاتهم بعد تصويرها، وكان لكل منهم مبرره الخاص به وتم الاستجابة لرغباتهم، ما يؤكد صدق البرنامج وحلقاته. 

تلقائية، احترام وعدم ابتذال أو تنمر، تغيير جلد وأفكار جديدة لمواجهة الملل، جميع ما سبق كان الخلطة السحرية التى نجح بها إبراهيم نصر وكاميرته الخفية فى أن يعيشوا فى قلوب وعقول المصريين لما يزيد على ثلاثة عقود من الزمان تحولوا خلالها إلى ضيوف دائمين يدخلون بيوت المصريين دون حاجة إلى استئذان، يضحكون الكبير والصغير، يسعدون الغنى والبسيط، يرسمون الضحكة من العام إلى العام بلقطات طبيعية جعلتهم وبحق صناع البهجة للشعب المصرى.