نجوم رمضان زمان 1.. منى الحسينى: رفضت طائرة خاصة انتصارًا لكرامة مهنتى

- مش كل إعلامية لبست سواريه واستفزت الضيف بقت منى الحسينى
- كمال الشاذلى طلب حذف برومو «مبخافش من حد» من حلقته فى البرنامج
- عادل أدهم أجرى اللقاء مُصابًا بنزيف فى قدميه احترامًا لى وللجمهور
- إجراء حوار مع مديحة كامل وحذفه بسبب هجومها على الفنانين «شائعة»
فى وقت كان يسود المشهد الإعلامى البرامج الترفيهية والفوازير والمسلسلات الدارمية، خرجت إعلامية فى بداية مشوارها المهنى لتلقى حجرًا فى المياه الراكدة ببرنامج مثير للجدل، نجح فى جمع كل أطياف المجتمع لمشاهدته، منتظرين أسئلة نارية وإجابات صادمة، لم تكن لتخرج للنور إلا فى «حوار صريح جدًا».
إنها الإعلامية الكبيرة والمخضرمة منى الحسينى، صاحبة المشوار الطويل فى عالم البرامج الحوارية، ليس فى مصر فحسب، بل على مستوى الوطن العربى، والتى نجحت من خلال برنامجها الشهير «حوار صريح جدًا» فى كشف العديد من الأسرار والكواليس فى حياة الشخصيات العامة، من الفنانين والرياضيين والسياسيين، دون أى تجاوز أو تجريح.
«مفيش على راسى بطحة وهذا سر نجاحى».. بهذه الكلمات لخصت الإعلامية الكبيرة مسيرتها وسر نجاحها، فى حوارها «الصريح جدًا» مع «حرف»، الذى تكشف فيه عن العديد من الكواليس والأسرار، عن البرنامج ومسيرتها الإعلامية الناجحة، وغيرها من التفاصيل الأخرى.
■ «حوار صريح جدًا.. كلام مريح جدًا جدًا» تتر برنامج حوارى علق بعقول وآذان المشاهدين طيلة سنوات.. كيف ولدت الفكرة؟
- الفكرة تبلورت وبدأت عقب تخرجى فى الجامعة بعام واحد تقريبًا، كنت حينها قدمت بالفعل برنامجًا يحمل اسم «خمسة فى خمسة» خلال شهر رمضان، كانت مدته ١٠ دقائق فقط، وبعد عرضه فوجئت بالمعجبين فى الشارع يحيطون بى من كل جانب، يشيدون بفكرة البرنامج وحلقاته، ما منحنى دفعة معنوية هائلة للاستمرار وتقديم برنامج جديد، بعدما وجدته فى الشهرة والنجومية من نعمة كبيرة، واخترت «تصفية حسابات» اسمًا لهذا البرنامج الجديد.
■ كيف تحول «تصفية حسابات» إلى «حوار صريح جدًا»؟
- حينما عرضت فكرة البرنامج على رئيس الإذاعة والتليفزيون فى ذلك الوقت، رفض بشدة الفكرة معتبرًا إياها «مغامرة»، وطلب منى البدء بخطوات متمهلة، خاصة أننى ما زلت فى بداية مشوارى المهنى والإعلامى. لكننى رفضت وأصررت بشدة على تقديم البرنامج بنفس الفكرة.
حينها طالبنى بتغيير الاسم للتخفيف من حدته، وبالفعل اقترح علىّ والدى حينها أن يحمل اسم «حوار صريح جدًا»، وعلى الرغم من عدم تقبلى الاسم الجديد، وافقت عليه بتردد، ومن هنا كانت بداية انطلاقة البرنامج، الذى استمر عرضه على شاشة القناة الثانية لمدة ٢٥ عامًا، حاورت خلالها ٦٠٠ شخصية عامة بين سياسية ورياضية وفنية.
■ بعد عرض أول موسم للبرنامج كيف كانت ردود الأفعال؟
- البرنامج حقق نجاحًا باكتساح، وكُرمت من قبل وزير الإعلام الراحل صفوت الشريف، فى أول عيد للإعلاميين يُقام بعد عرض الموسم الأول، باعتبارى أفضل مذيعة. أذكر يوم التكريم، وأثناء جلوسى بجانب رئيس التليفزيون، الذى رفض الفكرة فى البداية بشدة، ثناءه على الفكرة والبرنامج ونجاحه قائلًا: سبق أن تنبأت لكِ بنجاح البرنامج.
من هنا تعلمت أن من ينتوى شيئًا يجب ألا يتراجع أو يقف عن استكمال طريقه بناءً على نصيحة أحد، ما دام الأمر لا يخالف الضمير والأخلاق والأعراف المهنية، وأن أتجاهل دائمًا دعوات الإحباط واليأس التى ينشرها البعض، سواء بحسن نية من باب الخوف من المغامرة، أو لأى سبب آخر.
■ بالتأكيد البدايات لا تُنسى.. هل تتذكرين الحلقات التى انطلق منها صيت «حوار صريح جدًا»؟
- البرنامج لم يقتصر على تيار أو طائفة أو مجال بعينه، بل شمل العديد من الشخصيات. وأعتقد أن حلقة الفنان حميد الشاعرى وبكاءه خلالها كانت بمثابة صدمة للجمهور المصرى، الذى يرى للمرة الأولى فنانًا يبكى على شاشات التليفزيون، ما صنع حالة من التفاعل والارتباط الوثيق بين الجمهور والبرنامج.
تكرر الأمر فى حلقة الفنانة فردوس عبدالحميد، التى بكت أيضًا أثناء الحلقة الخاصة بها، عندما بدأت تحكى عن علاقتها بوالدها الراحل، وتأثرها به وبغيابه، ليستكمل البرنامج مشواره مع ضيوف كثيرين بعد ذلك، مثل الجنرال محمود الجوهرى، الذى بكى هو الآخر للمرة الأولى والوحيدة فى حياته أمام الكاميرات.

■ كيف اكتسبت منى الحسينى ثقة الجمهور والضيوف فى مصداقيتها؟
- احترام الجمهور أساس نجاح أى مذيع أو إعلامى، وهو سر نجاح «حوار صريح جدًا»، فقد تأكد المشاهد أن حلقات البرنامج تلقائية وبلا ترتيب أو تنسيق مُسبَق، لينتقل إليه تلقائيًا صدق المذيع واحترامه له، ويصنع حالة من الترابط بينهما، فالاحترام أساس أى علاقة ناجحة.
أما عن العلاقة مع الضيوف فتتطلب حالة من التقدير بما يليق بحجم الضيف، وألا يشعر بأنه فى موضع اتهام، ويستهدف المذيع فضحه والإيقاع به من خلال تلميحات أو إيماءات الوجه، مع ضرورة أن تبقى الابتسامة هى الغالبة على وجه المذيع حتى لا يشعر الضيف بغضاضة.
■ هل نفس المعايير تُعد كلمة السر فى نجاح منى الحسينى كإعلامية؟
- بالتأكيد، ولكن نجاحى الشخصى، بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، يعود إلى قدرتى على البقاء دون أن تصاب سُمعتى كمذيعة بأى أذى طوال مشوارى، بمعنى أدق: «مكنش على راسى بطحة».

■ رغم كل هذه الحلقات التى تجاوزت ٦٠٠ حلقة.. هل هناك من رفض أو خاف من استضافته فى البرنامج؟
- طوال تاريخى الإعلامى لم يحدث أن رفضت شخصية سياسية أو فنية إجراء لقاء معها فى «حوار صريح جدًا»، حتى من شعر بالقلق أو الخوف فى البداية، عاد مرة أخرى ليوافق، منهم على سبيل المثال الفنان الكبير فؤاد المهندس، الذى رفض فى أول مرة إجراء الحوار، قبل أن يعود مرة أخرى ويوافق، ثم يقول لى: «كل رمضان هكون معاكى فى البرنامج».
■ ومَن الضيف الذى انتابك خوف من الحوار معه سواء لحدته أو لحساسية منصبه؟
- العلاقة بين المذيع والضيف علاقة احترام وليست علاقة تحدٍ، كما سبق أن ذكرت. البعض كان معروفًا عنه الحدة مثل الفنان عادل أدهم، نظرًا لأدوار الشر التى كانت تميزه، وعلى النقيض عند لقائى به لاحظت حضوره متأخرًا قليلًا عن موعده، وظهر بشكل متوتر أثناء التصوير وكأن به ألم، وبعد انتهاء الحلقة فوجئت به يطلب حضور الإسعاف على الفور، كاشفًا عن قدميه تنزفان دمًا، لنكتشف أنه سقط على سلم منزله قبل أن يأتى لتصوير البرنامج، لكنه أصر على الحضور احترامًا للمذيعة وللجمهور ولاتفاقه معنا، فى موقف يعكس احترام وتقدير من فنان بحجم عادل أدهم.
■ هل أى من ضيوفك رفض إذاعة حلقته، أو طلب حذف أجزاء منها، أو حتى مُنعت إذاعتها لسبب ما؟
- رفض الإذاعة لم يحدث من قبل أى ضيف. كما لم تطلب الجهات الرقابية حذف أو منع إذاعة أى من الحلقات. لكن أتذكر بالتحديد حلقة الوزير كمال الشاذلى، وكان «برومو» الحلقة يتضمن مشهدًا يجمعنى به، وينظر نظرته الشهيرة التى كان يوجهها إلى خصومه تحت قبة البرلمان وتشعر بعضهم بالخوف، ليسألنى حينها: «إنتِ مش خايفة»، لأرد عليه بشكل سريع: «أنا ما بخافش من حد»، واستمر عرض «البرومو» وقتها، وصنع حالة من الجدل، دفعت الوزير الراحل إلى الاتصال بى هاتفيًا وبأدب جم قائلًا: «يا ست منى استأذنك تستبدلى هذا البرومو بجزء آخر من الحلقة، دون حذف من الحلقة»، وعلى الفور استجبت له تقديرًا له ولأخلاقه.

■ بالتأكيد هناك ضيف كنتِ تطمحين فى محاورته ولم تسمح الظروف.. فمن يكون؟
- كُنت أتمنى أن أعيش عصر الفنانين الكبيرين إسماعيل ياسين ورشدى أباظة، وإجراء حوارين معهما، باعتبارهما من أهم نجوم زمن الفن الجميل، وإن قُدر لى إجراء حوار مع الفنانة الكبيرة أمينة رزق، لألتقى نجمة حقيقية وفنانة من النوادر فى تاريخ الفن المصرى، من حيث الثقافة والحضور والاحترام والمهنية، حتى إنه تم تكريمى بسبب تلك الحلقة.
■ هل صحيح أنكِ أجريتِ حوارًا مع الفنانة المعتزلة مديحة كامل وتم منعه بسبب هجومها على الفنانين؟
- محض افتراء وشائعة. لم يحدث أن التقيت الفنانة مديحة كامل من الأساس، أو أجريت أى حوارات معها، بعد اعتزالها وارتدائها الحجاب.
■ نجاح منى الحسينى لم يقتصر على «حوار صريح جدًا» فى رمضان، بل امتد إلى البرنامج المثير للجدل أيضًا «نأسف للإزعاج».. ما أبرز كواليسه؟
- «نأسف للإزعاج» كان بمثابة الصدمة للعديد من المشاهدين، نظرًا للتحول فى طبيعة البرامج التى أقدمها، وقد استمر عرضه على قناة «دريم» لمدة ٥ سنوات، فى فترة كانت الأخطر فى تاريخ مصر، وكان يحظى بمتابعة شخصية من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، الذى اتصل بى هاتفيًا ٤ مرات ليخبرنى بأنه متابع للبرنامج، ويقدرنى ويقدر ما أقدمه للإعلام المصرى وللدولة من حقائق وكشف للفساد.
أسهم البرنامج فى كشف العديد من قضايا الفساد والاستيلاء على أراضى الدولة، وسوء قانون الضريبة على المبيعات، الذى تم التراجع عنه مباشرة بعد إذاعة البرنامج، ما جعل البرنامج يتعرض لحرب شنعاء حينها، لم ينقذه منها إلا اتصالات الرئيس الأسبق «مبارك»، الذى وفر له حماية جعلت الجميع يعلم أنه يخضع لمتابعة شخصية منه.

■ هل تتذكرين كواليس اتصال الرئيس الراحل مبارك؟
- بالتأكيد، خاصة اتصاله بعد حلقة وزير الإسكان، أحمد المغربى، بعد أن سألت الوزير الأسبق عن كيفية اختيار الفائزين بشقق الإسكان الاجتماعى، فأخبرنى بأنه يتم عن طريق القرعة، لكننى باغته بالرد متسائلة: «بالقرعة ولا بالكوسة؟». حينها هاتفنى الرئيس «مبارك» قائلًا: «إزيك يا منى أنا حسنى مبارك، كملى فى طريقك، هو ده هدف الإعلامى». وأتذكر يومها أننى ظننت أن الاتصال عبارة عن دعابة أو مقلب من أحد المقربين.
■ على ذكر الرئيس مبارك.. ألم تطلبى يومًا إجراء حوار معه؟
- على الإطلاق، لأن إجراء حوار مع شخصية عامة أو فنان أسهل بكثير وأقرب للمشاهد، لما فيه من تلقائية، لكن إجراء حوار مع رئيس الجمهورية لن يخلو من المحاذير والخطوط التى يجب ألا نتجاوزها، وهو أمر يتعارض مع طبيعتى.
■ اقتحامك «أعشاش الدبابير» ألم يجعلك تشعرين بالخوف على نفسك وعائلتك فى لحظة ما؟
- لم أشعر بالخوف لحظة طوال تاريخى الإعلامى، ثقة فى وقوف الله بجانبى، وأننى أسير على الطريق الصحيح لكشف الفساد. فى عام ٢٠١٠، وبعد كشف قضية فساد لأحد رجال الأعمال، حرك ضدى العديد من الدعاوى القضائية، واستمرت المحاكم فى نظر هذه الدعاوى حتى صدر الحكم ببراءتى، بل حقى فى التعويض أيضًا. حينها تطوع عدد من المحامين للوقوف بجانبى دون مقابل، حتى إن خصمى عرض علىّ ملايين الجنيهات للتنازل، وهو ما رفضته حفاظًا على كرامتى وكرامة مهنتى.

■ هل تعرضتِ لأى ضغوط للتراجع عن كشف قضايا الفساد أو الحوارات المثيرة للجدل؟
- لم تطلب منى أى جهة التوقف أو التراجع يومًا ما، لكن بالتأكيد، ولأن مهنتى الأساسية كانت الملفات الشائكة، كان فى بعض الأحيان يحدث أن أتعرض لمكائد أو أحقاد من قبل البعض، وحينها كنت أجد مساندة ودعمًا من قيادات الإعلام فى ذلك الوقت، على رأسهم الوزير الراحل صفوت الشريف، الذى كان لديه إيمان تام بموهبتى وصدقى وأمانتى، وتصدى للعديد من المؤامرات التى تعرضت لها، كما كان دائم النصح لى.
■ ما أبرز النصائح التى وجهها لكِ الشريف فى ذلك الوقت؟
- أذكر أن إحدى الشركات قدمت لى عرضًا إعلانيًا برقم كان يُمكننى فى ذلك الوقت من شراء طائرة خاصة، لكن «الشريف» حينها نصحنى بعدم الانسياق وراء المادة، وطلب منى رفض الإعلان، قائلًا لى وقتها: «أنت منى الحسينى نجمة إعلامية.. لا تتحولى إلى سلعة».

■ بعد تلك المسيرة الناجحة.. هل منى الحسينى راضية عن مسيرتها؟
- بالتأكيد، لأننى تركت للإعلام المصرى رصيدًا وأرشيفًا من حوارات مع سياسيين ومثقفين وإعلاميين وفنانين يمثل إرثًا يعيش مئات السنين.
■ ما النصيحة التى توجهينها للأجيال الجديدة من الإعلاميين؟
- على الإعلامى فى المقام الأول الحفاظ على وطنه ضد محاولات التشكيك والهدم، وأن يضع مصلحة المشاهد والوطن فى المقام الأول، وألا يتحول إلى مجرد دُمية تظهر على الشاشة، تخترق أسرار البيوت، وتتناول حكايات الطلاق والزواج والخلافات وتبادل السباب وفقط، لأننى أرى إعلاميات حاليًا يرتدين الفستان «السواريه» والمجوهرات الألماس، وتبدأن فى استفزاز الضيوف ظنًا منهن أنهن تحولن بهذه الأسئلة إلى منى الحسينى.