أحمد بدير.. «الجنتل» يكسب بخبرة السنين
على عكس المعتاد فى أدوار الشر، من جحوظ العينين وخشونة الصوت، وتعبيرات الوجه الجامدة التى يُرفع فيها الحاجب حتى يكاد يلامس مقدمة الشعر، وبموهبة وإتقان عودنا عليه منذ بداية مشواره الفنى الحافل، نجح الفنان الكبير أحمد بدير فى تقديم شخصية تاجر المخدرات، الذى يُدير«سوق الصنف»، من خلال دوره «الجنتل» فى مسلسل «المعلم»، الذى يقوم ببطولته مصطفى شعبان، وعُرض خلال الموسم الرمضانى 2024.
خفة ظله كانت حاضرة، و«إفيهاته» الكوميدية لم تغب، وسط سلاسة وأريحية فى تقديم الدور جذبت انتباه الجميع منذ الحلقة الأولى، ليواصل بذلك الفنان القدير اتباع طريقته الفريدة فى التمثيل، تلك التى يُمثل من خلالها باستمتاع، بدون أى مشقة.
أداؤه المُتقن الشخصية يجعلك لوهلة تقتنع بأنك أمام أحد أباطرة تجارة المخدرات، ثم فجأة فى لحظة خاطفة، ينتزع ضحكات الجميع عبر «إفيه» يجعلك تنسى أنك تشاهد تاجر مخدرات.
ووسط كل هذا، يغلب شعور الأبوة الفطرى نزعة الشر داخله، فى مواقف خوفه على ابنته الوحيدة من انتقام تجار سوق المخدرات؛ عقابًا له على تسببه فى خسارتهم ملايين الجنيهات، بعد أن أضاع بضاعتهم وسلمها إلى «المعلم/ مصطفى شعبان»، فى مغامرة غير محسوبة.
لذلك كله، تجد نفسك وأنت تشاهد «الجنتل» تضحك وتتعاطف معه، تكرهه وتحبه، وتنتظر «مبارياته التمثيلية» مع مصطفى شعبان، أو غيره من الممثلين، والتى تمتلئ بالعديد من المواقف الكوميدية واللطيفة.
دور الجنتل لم يكن سببًا فى أن يكرهه الجمهور، رغم أنه قدم كل مواصفات الندالة خلال أحداث المسلسل، ندالة مخلوطة بالدعابة، وهو الصبى الذى خان معلمه وصاحب الفضل عليه ودس له المواد المخدرة عبر شحنة الأسماك، والتاجر متعدد الذمم فى السوق، والمحتكر لسوق السمك والمبتز لتجاره، وهو تاجر المخدرات الذى ضلل الجميع بما فيهم ابنته؛ من أجل تحقيق غايته فى بيع الصنف.
شخصية المجرم الكوميدى ليست بالغريبة على أحمد بدير، فمن ينسى جملته الشهيرة «هنموت كلنا» فى فيلم «بطل من ورق» بطولة الراحل ممدوح عبدالعليم، حيث قدم شخصية «سمير» المجرم سارق إيرادات الجمعية التعاونية، قاتل أحد مُصنعى المتفجرات، خاطف قطار ركاب ومهدد بتفجيره، وعلى الرغم من ذلك السجل الإجرامى متعدد الأطوار ومحور الشر المتكامل فى الشخصية ستجد نفسك تبتسم تلقائيًا كلما شاهدته فى مشهد الخطف، مرددًا هنموت كلنا، فى إشارة إلى عدم قدرته على إبطال مفعول المواد المتفجرة التى زرعها داخل كابينة القطار للضغط على السلطات الأمنية لتنفيذ طلباته المادية، وحتى آخر لحظات حياته داخل القطار فارق الحياة متشبسًا ببنطلون البطل رامى قشوع، وكأنه سبب نجاته، ليواصل تقديم دور المجرم المعجون بالكوميديا.