أيمن الحكيم: عمار الشريعى هو «طه حسين المزيكا» وآخر «جيل الأكابر»
«هو طه حسين المزيكا».. هكذا وصف الكاتب الكبير أيمن الحكيم الموسيقار الراحل، مبينًا أن تشابه «الشريعى» مع «عميد الأدب العربى» يأتى من كونهما يفتقدان لحاسة البصر، كما أنهما ينتميان لعروس الصعيد محافظة المنيا، وكلاهما شارك فى إحداث تأثير وتغيير جذرى، كل فى مكانه.
آخر جيل العظماء
وأضاف «الحكيم» لـ«حرف»: «مثلما سطر طه حسين مسيرة حافلة فى الأدب، أبدع عمار الشريعى فى الموسيقى»، واصفًا إياه بأنه آخر جيل العظماء والأكابر فى الموسيقى المصرية، الجيل الذى بدأ بسيد درويش، مرورًا بعبدالوهاب زكريا أحمد وبليغ حمدى وكمال الطويل ورياض السنباطى، حتى رحيل عمار الشريعى عن دنيانا.
وشدد على أن «الشريعى» هو الوريث الشرعى لجيل العظماء، بل ويُعد أهم ناقد موسيقى فى تاريخ مصر، حيث تمتع بثقافة ودراية عالية نظرًا لانفتاحه على الموسيقى العالمية، ولعل تجربته «غواص فى بحر النغم» مدرسة نقدية من الصعب بل والمستحيل تقليدها أو تكرارها مهما مرت الأيام ومهما حاول البعض.
وواصل: «كما أنه يُعد موسيقيًا مؤثرًا بشكل كبير على مستوى الغناء الفردى، وإن كان نجاحه والتجربة الأهم تتمثل فى المسيرة الدرامية، سواء فى تقديمه لتترات المسلسلات، أو عن طريق الموسيقى التصويرية داخل هذه الأعمال، بعد أن شكل مع الشاعر الكبير سيد حجاب، والخال عبدالرحمن الأبنودى، والمطرب الكبير على الحجار، رباعيًا ذهبيًا، جعل من تترات المسلسلات والموسيقى التصويرية مفتاح نجاح لتلك الأعمال الدرامية، فمن ينسى الشهد والدموع ورأفت الهجان، وحتى رائعة مسلسل الأيام الذى يتناول حياة طه حسين أعد له الشريعى ألحانصا مُذهلة ستحيا ما بقينا؟».
جانب طريف من حياة الشريعى
«الحكيم» فى حديثه مع «حرف» كشف عن جانب طريف فى حياة الراحل عمار الشريعى، وهو على الرغم من فقدانه حاسة البصر إلا أنه كان يهوى مشاهدة مباريات الأهلى عبر التلفاز وينفعل معها وكأها يراها، حيث كانوا يدعونه دائمًا لمشاهدة المباريات معه، كما أنه فى إحدى المرات وجد الشريعى يقوم بنفسه بإصلاح أحد أجهزة الحاسب الآلى، ويتعامل مع كل قطعة داخله وكأنه يراها بشكل كامل، فى موهبة فطرية وذكاء حاد منطقع النظير.
وأضاف «الحكيم» أن للراحل تجربة عظيمة وثرية فى مجال أغانى الأطفال مع الشاعر سيد حجاب والمطربة عفاف راضى، تجربة تُعد الأهم بعد ما قدمه الراحل محمد فوزى بل لا تقل عنها أهمية، حينما قدم الثلاثى فى الثمانينيات ألبومى (أطفال، أطفال) و(سوسة كف عروسة) اللذين حققا نجاحا كبيرًا وقتها، متمنيًا أن يتم استغلال التكنولوجيا الحالية وإعادة إنتاج تلك الأغانى بشكل جديد.
ونوه بسلسلة مقالات كتبها الراحل فى جريدة «القاهرة»، تصل إلى حوالى ٢٠ مقالًا، تصلح مع بعض الكتابات المنشورة فى صحيفة «الأهرام» لأن تكون بمثابة كتاب يجمع ذكريات وحكاوى «الشريعى»، حيث تضم تلك المقالات العديد من الذكريات والكواليس والأسرار التى كتبها بخط يده، وتصلح لأن تكون توثيقًا لفترة فنية مهمة فى تاريخ مصر.
ووصف «الحكيم» عمار الشريعى بأنه كان مثالًا للشخص عفيف النفس الذى يتمتع بنُبل وكرم أخلاق لا نظير له، متذكرًا آخر مكالمة هاتفية أجراها معه، فى أيامه الأخيرة إبان ثورة يناير، وحينها كان «الحكيم» كتب فى أحد مقالاته يطالب بعلاج «الشريعى» على نفقة الدولة، نظرًا لإسهاماته وتاريخه، ليتلقى مكالمة من «الشريعى» يقول له فيها: «البلد مشغولة اليومين دول ما حدش فاضى يا ريت بس يفتكرونا بالخير».