رسائل تهديد لأستاذة سينما كتبت عن تسريب فيلم «ذاكرة مصر» لقناة عربية
- د. ثناء هاشم: أعرف صاحب الرسائل.. وتقدمت ببلاغات للجهات المعنية
لم تتصور الدكتورة ثناء هاشم، أستاذ السيناريو فى المعهد العالى للسينما، أن حديثها عن بيع أرشيف وأصول السينما المصرية، وتحديدًا الفيلم الوثائقى «ذاكرة مصر» للمخرج الكبير الراحل محمد كامل القليوبى، سيكون سببًا لتلقيها تهديدات بألفاظ مشينة، ما دفعها للتقدم ببلاغات إلى أكثر من جهة مختصة. وتؤكد د. «ثناء» أن من يقف وراء رسائل التهديد تلك هو مَن باع الفيلم إلى إحدى القنوات العربية، ثم أشاع كذبًا بأن «القليوبى» هو مَن فعل ذلك، وهو أمر بعيد تمامًا عن الصحة وضد المنطق، لأن المخرج الكبير قاد حملة واسعة لوقف بيع أرشيف وأصول السينما المصرية.
«حرف» ترصد فى السطور التالية كل تفاصيل الأزمة، وتتحدث مع أستاذة السيناريو عما حدث بشىء من التفصيل، لمعرفة من باع «ذاكرة مصر» ويهدد مَن يفتح هذا الملف الآن؟
البداية
الأزمة بدأت بتاريخ ٧ أبريل الجارى، بمنشور كتبته الدكتورة ثناء هاشم، عبر حسابها الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، طرحت فيه عدة تساؤلات، على خلفية حريق استديو «الأهرام».
وقالت د. «ثناء» فى منشورها: «أين أرشيف السينما المصرية؟ إحدى أقدم سينمات الدنيا، ما مصير أصول السينما المصرية؟ ما كنه تلك الشركة الغامضة المسماة شركة السينما؟ وماذا بعد حريق استديو الأهرام العريق بكل تاريخه؟ حقنا وحق الأجيال الجاية من المبدعين الحقيقيين أمانة فى رقابنا، لا بد أن يجدوا لهم مكانًا نظيفًا تحت الشمس».
وفى ١٨ أبريل الجارى، واصلت أستاذ السيناريو الكتابة عن أصول السينما المصرية، والتساؤل أين ذهبت وما مصيرها ومن باعها من الأساس، مشيرة إلى أنها شاركت المخرج الراحل محمد كامل القليوبى، وتحديدًا عامى ٢٠٠٤ و٢٠٠٥، جمع مادة الفيلم الوثائقى «ذاكرة مصر»، من إنتاج الهيئة العامة للاستعلامات، وهى العملية التى مرت بمراحل بحث وتنقيب فى الأرشيفات الصحفية والسينمائية حتى خرج الفيلم إلى النور.
لكن الفيلم تسرب إلى إحدى المحطات العربية فى غفلة من الزمن. تقول: «خرج الفيلم الباهر فى ست ساعات نادرة، على أن يعتبر وثيقة يتم الارتكاز عليها والأخذ منه فى أى مناسبة وطنية، لكن ما حدث أن هذا الفيلم تسرب لمحطة عربية، وحدث لغط وربكة خفية، وعلم بها القليوبى على حرف، ولم يكن مدركًا أبعاد ما حدث ومن وراءه».
وكشفت أن هناك من أشاع عن الراحل محمد كامل القليوبى أنه هو مَن سرّب الفيلم وباعه بنفسه، نافية حدوث ذلك تمامًا من المخرج الكبير، الذى لا يملك الرد على هذه الاتهامات بعد وفاته، مضيفة: «يوم سؤال هذا الشخص المحترم لى عن حقيقة بيع القليوبى للفيلم، مرتكزًا على من فحّ فى أذنه بهذا الخبث، تأكد يقينى وليس ظنى أنه هو من باع الفيلم».
وواصلت الحديث عن هذا «الشخص»: «هو مَن باع الفيلم، لاسيما أنه رسخ وجوده فى هذه المحطة العربية، وانطلق منها نحو هدفه الذى لم يحِد عنه يومًا، وهو تدمير كل شىء حى فى قطاع السينما، وتدمير كل شخص يتوسم فيه أنه لديه مشروع حقيقى تجاه الإبداع أو الثقافة أو الوجود بأكمله».
وأكملت: «رحم الله القليوبى الحر الشريف النبيل، الذى طعن فيه هذا الجرذ، والذى نالنا منه ما نالنا، ليس لأنه نافذ، كما يدعى، ولكن لأنه وجد من يدعمه، القليوبى الذى عاش باسطًا كفيه للجميع، ولم يهن ولم يفرط لحظة فى ريحة أى شىء يخص مصر، يُتَهم ببيع ذاكرة مصر، اطمئن هناك دومًا من يمكنه أن يحل محلك الذى لم ولن يشغله سواك».
أنقذوا السينما المصرية
فى اليوم التالى «١٩ أبريل»، وتحت وسم «أنقذوا السينما المصرية»، واصلت الدكتورة ثناء هاشم الحديث عن أزمات السينما المصرية، بدءًا من دور العرض المغلقة، بل والاتجاه إلى بيعها، مرورًا بقضيتها الرئيسية، وهى بيع أصول السينما المصرية وأرشيفها.
وقالت أستاذ السيناريو فى هذا الصدد: «الوضع لا يزال بالغ البؤس، وحال السينما المصرية والدراما التليفزيونية يبكى، والأفق مغلق أمام المواهب الأصيلة على التابعين والمتنطعين إلا من رحم ربى، والمعلومات التى تخرج لنا عن تراثنا وأرشيفنا الإبداعى والسينمائى بشكل خاص، وأصول السينما المصرية، غامضة ورائحتها مكمكمة ومريبة»، معقبة: «قالوا الجمل طلع النخلة، آدى الجمل وآدى النخلة».
وبعد حديثها المهم عن سرقة فيلم «ذاكرة مصر»، إلى جانب أزمات السينما بصفة عامة، فوجئت د. «ثناء» برسائل تهديد تصلها عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعى، بسبب «حديثى عن أصول السينما وتراثنا السينمائى المهدور، وقضايا السينما المصرية برمتها»، وفق ما ذكرته.
وأضافت: «طالت التهديدات أستاذى العظيم فى مثواه الأخير، ولحسن حظى وتدبير ربنا، الرسائل بها إشارة واضحة وصريحة أن التهديد بسبب ما كتبته، وأننى فى حال استمرارى سيحدث كيت وكيت»، مؤكدة إبلاغ الجهات المعنية بتلك الرسائل.
وتقدمت أستاذ السيناريو ببلاغ إلى الجهات المعنية عن الرسائل النصية التى وصلتها وحوت تهديدًا وترويعًا، إثر كتابتها عن قضايا تخص أزمات السينما المصرية والمتسبب فيها، مشيرة إلى أن هذه التهديدات تضمنت تحذيرًا بألفاظ مشينة، إذا ما استمرت فى الكتابة عن هذا الملف، وهو ما يشكل حدثًا خطيرًا وواقعة غير مسبوقة فى الوسط السينمائى، مع تلقيها وعدًا من الجهات المسئولة بالاهتمام بالواقعة وتتبع مرسل التهديدات واتخاذ اللازم ضده.
د. ثناء تتحدث
تواصلت «حرف» مع الدكتورة ثناء هاشم، للحديث معها عن الأزمة، فقالت إنها ستتقدم عبر محاميها، اليوم الأربعاء، ببلاغ إلى النيابة العامة، بشأن التهديدات التى تلقتها، وهو البلاغ الذى سبق وتقدمت به إلى المجلس القومى للمرأة، بعدما تواصلت مع الدكتورة مايا مرسى، رئيس المجلس، وشرحت لها الموضوع، فى ظل عضويتها به.
وعادت للحديث عن الأزمة وتفاصيلها «عبر حسابى فى (فيسبوك)، نشرت مقالين عن أصول السينما المصرية وأرشيفها وأين ذهبت، تحديدًا فيلم (ذاكرة مصر) للمخرج محمد كامل القليوبى، والذى اتهمه أحد المغرضين بأنه هو من باع الفيلم».
وأضافت: «أشرت خلال المقالين إلى المتهم الحقيقى وراء تسريب الفيلم الوثائقى (ذاكرة مصر)، وبيعه لإحدى المحطات العربية، بعد أن أبلغنى أحد الأصدقاء بأن من يشيع هذه الاتهامات عن القليوبى النبيل الشريف رحمه الله، هو من يقف وراء تسريب الفيلم وبيعه، بل تأكدت تمامًا من هذا، خاصة أن القليوبى كان قد أشركه- رمزيا- فى الفيلم ليوفر له دخلًا ماديًا، بينما قمت أنا والقليوبى بكل مراحل البحث والتنقيب لجمع المادة اللازمة لإخراج الوثائقى، من إنتاج الهيئة العامة للاستعلامات، والذى عملنا فيه بين عامى ٢٠٠٤ و٢٠٠٥».
وواصلت: «تساءلت خلال المقالين كيف للقليوبى أن يبيع أو يسرب الفيلم الذى تعب واجتهد لإخراجه، وهو الذى تصدر وقاد حملة ضد بيع أرشيف السينما المصرية، فى التسعينيات، رصدتها الصحف والمجلات وقتها، كيف لهذا الرجل الذى خاض هذه المعركة طوال حياته أن يكون هو وراء تسريب الفيلم؟!».
وأكملت: «بعد أقل من ١٢ ساعة من نشر المقالين على حسابى فى (فيسبوك)، فوجئت برسائل وعيد وتهديد، تتضمن التهديد بنشر سيديهات ورسائل لى إن لم أتراجع عن موقفى وأتوقف عن الكتابة عن أرشيف السينما المصرية وأصولها، وأين ذهبت، ومن المتسبب فى إهدارها وضياعها».
وتابعت: «هذه الرسائل التهديدية راهن مُرسلِها على أن أخضع، كونى امرأة وزوجة وأمًا، ولى طلابى فى معهد السينما، ومن ثم سأخاف وأتراجع، إلا أننى لم أذعن للتهديدات والترويع، وتقدمت ببلاغ عبر الهاتف إلى الأمن الوطنى، والمجلس القومى للمرأة، تحديدًا الدكتورة مايا مرسى، رئيس المجلس، والتى بدورها ومن خلال المجلس ستقدم بلاغًا إلى النيابة العامة ضد مرسل هذه الرسائل الترويعية، والتى سبنى فيها بأقذع الشتائم والسباب».
واختتمت «هذا الأمر لم أقابله من قبل فى مجال عملى الأكاديمى أو السينمائى، وطوال حياتى العملية والمهنية، علمًا بأن صاحب هذه الرسائل تراجع ودفع بعض الأشخاص المقربين منى لإثنائى عن موقفى».