الإثنين 16 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

هند سعيد صالح: أبويا مات راضى عن نفسه.. ومقارنته بعادل إمام «مملة»

سعيد صالح
سعيد صالح

«افتقدت السند والظل».. هكذا وصفت هند سعيد صالح شعورها بعد مرور 10 سنوات على رحيل الفنان الكبير، الذى شكل جزءًا من تكوين الفن، وبالتحديد المسرح فى مصر، حيث قالت «هند» فى حديثها مع «حرف» إن والدها كان البطل المبهر فى حياتها، وليس مجرد أب، مؤكدة أن الفنان الراحل عاش حياته الفنية والشخصية كما أراد، وكما ارتضاها لنفسه ولأسرته وللفن الذى وهب له حياته، لم يكره أحدًا يومًا أو يحمل ضغينة تجاه شخص.

ابنة الفنان الراحل فتحت خزائن أسرار الوالد وتحدثت عن صداقاته ورحلة كفاحه مع الزعيم عادل إمام صديق عُمره، كما وصفته، كما كشفت عن كواليس المحنة التى تعرض لها والدها عقب سجنه فى إحدى القضايا التى وصفتها بالمنحة فى حياة الراحل.

عن سعيد صالح الأب والفنان الكوميدى والأهلى ومشواره الفنى والإنسانى، تتحدث هند سعيد صالح لـ«حرف».

■ ١٠ سنوات مرت على رحيل أحد أبرز نجوم الكوميديا «سعيد صالح».. لو تحدثنا عن الراحل الأب لا الفنان ماذا تقول ابنته الوحيدة؟

- «بطل حياتى» الوصف الأدق لوالدى، رحمه الله، أجمل ما كان فى هذا الكون، حيث اجتمعت الحنية وخفة الدم والجدعنة فى شخص واحد، لم أره يومًا يحمل قسوة أو ضغينة، كان الحائط الذى أستند عليه بثقة كاملة ولن يميل، بين ذراعيه كنت أختبئ من توجيهات وتعنيف والدتى لو أخطأت.. «سعيد صالح» صديق وليس أبًا بالمعنى المفهوم، كان مبهرًا فى كل شىء حتى فى أوقات غضبه بسبب فعل ما صدر عنى.

■ وما الذى كان يغضب سعيد صالح أو يحزنه؟

- لا أذكر حزنه على شىء ما بشكل مبالغ فيه، بل على العكس كان يهون من جميع الأمور، ولكن على سبيل المثال كان يستشاط غضبًا من العند والإصرار على المواقف الخاطئة، وعلى الرغم من ذلك لم يحدث أن وقع بيننا خصام دام لفترة طويلة، ولكن ما كان يحزنه بشكل كبير هو الموت أو المرض وفقد شخص عزيز عليه.

■ هل كان شخصًا سريع الغضب؟

- جدًا ولأقصى درجة، ولكن على قدر سرعة غضبه من موقف أو شخصً ما على قدر تسامحه ونسيانه الموقف بعدها بلحظات، فكم من مرات اتخذ قرارًا بمقاطعة صديق من أصدقائه لتجدهم معًا بعدها بأيام وربما بساعات، سعيد صالح كان شخصًا طيب القلب.

■ وماذا عن طقوسه الخاصة فى المنزل؟

- لم تكن له طقوس معينة، بل كان يعشق المنزل والجلوس فيه، وكان أول شخص يستيقظ فى المنزل ويتعمد إيقاظ البيت بالكامل، وآخر واحد ينام بحكم عمله فى المسرح، وكان حريصًا على الفطار مبكرًا، وكان الفول طبقًا أساسيًا له يوميًا على الفطار.

■ الكوميدى على الشاشة أحيانًا تكون شخصيته فى الواقع عكس ذلك.. هل انطبق الأمر عليه؟

- على العكس تمامًا، بل كان أكثر خفة دم وكوميديا فى التعامل مع الناس والجيران وأهالى المنطقة، من يتعامل معه يشعر بالبهجة والسعادة من أقل موقف، حيث كان حريصًا على الحديث والسمر مع الجيران وسكان العقار، وأذكر أنه كان ينزل من سيارته فى إشارة المرور القريبة من منزلنا للحديث مع أفراد الأمن والسائقين فى الشارع قبل فتح الإشارة وعودة المرور للشارع بثوانٍ.

■ أين يجد سعيد صالح نفسه ومع مَن؟

- فى الإسكندرية، حيث كان حريصًا على الذهاب إليها بشكل دائم ودورى أثناء توقف التصوير، بل أحيانًا أثناء التصوير حال كانت الفترة بين المشاهد تستغرق يومًا أو يومين، يذهب للجلوس هناك ومقابلة أصدقائه ويعود على الفور، للدرجة التى اعتقدت معها أن أصولنا تنتمى للإسكندرية من شدة تعلقه وحبه لها، ومثلما كان يجد نفسه فى عروس البحر كان يميل دائمًا للجلوس على المقاهى ومع حراس العقارات، سواء العقار الذى نسكن فيه أو المجاورة لنا، وأذكر أنه خلال مباريات كرة القدم كان يصطحب تلفازًا إلى الشارع ويبدأ تجميع حراس العقارات وأصدقائه لمشاهدة المباريات معًا.

■ على ذكر المباريات.. هل كان مشجعًا متعصبًا؟

- جدًا، وخصوصًا لنادى الأهلى، كان يعشق الفانلة الحمراء تقريبًا أكثر من صالح سليم رئيس النادى ونجم الأهلى الراحل، وكانت المباريات فرصة لكيد أصدقائه الزملكاوية والهزار معهم.

■ هل كان له أصدقاء من الوسط الرياضى؟

- بالتأكيد، وبالتحديد من أبناء جيله، مثل محمود الخطيب وطاهر أبوزيد وعدلى القيعى، كما كان على صداقة بعدد من نجوم الجيل الجديد، مثل حسام وابراهيم حسن وخالد بيبو.

■ نغلق سيرة سعيد صالح الأب قليلًا ونفتح خزانة أسرار الفنان.. هل رحل مرسى الزناتى عن عالمنا راضًيا عن مسيرته؟

- كل الرضا، على عكس ما يتوهم البعض ويردده من حين لآخر عن الموهبة الخاسرة أو التى أسىء إدارتها وغير ذلك، الراحل عاش حياته كما يحب أن يعيشها وكما أراد هو لا كما يريد الغير، لم يكن يريد أن يكون محور الأحداث أو يحافظ على صورة معينة عند الناس، بل نشأ بين البسطاء وعمل لهم وظهر على الشاشة بطبيعته دون تكلف، لم يرغب فى أن يقارنه أحد بغيره من نجوم وأبناء جيله، لم يشغل باله بالمنافسة مع أحد، بل عاش كما أراد.

■ فى إطار المنافسة والمقارنة.. لماذا دائمًا يأتى عادل إمام فى كفة الميزان الأخرى مع سعيد صالح؟

- للأسف الشديد الأمر أصبح مملًا للغاية، لا أرى سببًا منطقيًا لتلك المقارنة الظالمة للطرفين التى لا يتأذى منها سوى أبنائهما، لأنه بمنتهى البساطة لا توجد مقارنة من الأساس، فموهبة الزعيم مختلفة تمامًا عن موهبة والدى من حيث الأداء وتركيبة الشخصية، والاثنان جمعهما تاريخ من الصداقة لم ولن يستطيع أحد التأثير عليه أو التقليل منه وصنع حالة من الصراع بينهما.

■ ولكن البعض يستند فى المقارنة إلى عدم نجاح سعيد صالح فى البطولة المطلقة مثل الزعيم؟

- ومن قال إن سعيد صالح كان يرغب فى فكرة البطولة المطلقة؟! على العكس بل كان يجد نفسه فى تلك المساحة من الأدوار مع صديق عمره عادل إمام، علاوة على أنه لم يكن من هواة السينما والتليفزيون، بل كان يعش المسرح وهذا السبب الرئيسى فى عدم حصوله على البطولة المطلقة فى السينما.

■ المقارنة صاحبتها أحيانًا شائعات.. ألم تصنع تلك المناوشات حالة من الغيرة بين أصدقاء العمر يومًا ما؟

- على الإطلاق، لم أسمع يومًا أنهما تخاصما أو اختلفا على شىء ما طيلة حياتهما، وكيف وهما بدآ معًا من الصفر كما يقال، فالاثنان مرت عليهما لحظات لم يجدا فيها أموالًا للذهاب إلى مكان التصوير أو العودة منه، فعلاقتهما بدأت منذ الستينيات واستمرت حتى عام ٢٠١٤ برحيل والدى، وأكبر دليل على ذلك ظهور والدى فى كل أعمال عادل إمام؛ حتى ولو بدور صغير لن يتذكره أحد مثل دوره فى فيلم الواد محروس بتاع الوزير، أو فيلم زهايمر الذى ترك فيه الراحل بصمة كبيرة من خلال مشاهده مع الزعيم، وأكاد أجزم بأنه لو أطال الله فى عُمر والدى لكان شارك الزعيم فى مسلسلاته وكل أعماله حتى اليوم.

■ وما الذى يميز الفنان سعيد صالح عن باقى نجوم جيله؟

- نجاحه فى العمل مع جميع أبناء جيله وأن يكون شريكًا أساسيًا فى أعمالهم، فمن النادر أن تجد فنانًا نجح أن يعمل مع الجميع ويترك بصمة ويحقق نجاحًا كبيرًا مثلما فعل الراحل.

■ بالعودة للزعيم.. هل هناك تواصل معه بعد وفاة الوالد؟

- باستمرار، حيث تجمعنا صداقة أسرية مع أبنائه، كما أن الزعيم اتصل بى هاتفيًا منذ حوالى عام ونصف للاطمئنان على أحوالنا.

■ هل اقتصرت دائرة أصدقاء الراحل من الوسط الفنى على الزعيم؟

- على الإطلاق، بل المفاجأة التى لا يعرفها البعض أن عادل إمام لم يكن الصديق الأقرب لوالدى من الوسط الفنى، بل حل فى الترتيب بعد الفنان الراحل عهدى صادق الذى كان بمثابة شقيق لوالدى وعم لنا، وكان صديقًا لأغلب أفراد العائلة، والشخص الوحيد من الوسط الفنى الذى كان له حق زياراتنا فى أى وقت، وكذلك الفنان الكبير صبرى عبدالمنعم كان أحد أضلاع هذه الصداقة التى دامت حتى وفاة الوالد، علاوة بالطبع على عدد كبير من الفنانين مثل صلاح السعدنى ومحمود الجندى وشوقى شامخ.

■ وماذا عن صداقته بالشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم؟

- كانت تربط والدى بالشاعر الراحل صلة قرابة وليست صداقة فحسب، كما كان يحرص «نجم» على زيارتنا فى منزلنا باستمرار ويجلس مع والدى لفترات طويلة.

■ هل ندم يومًا على المشاركة فى عمل قدمه أو اضطر له من أجل المال؟

- لم يحدث طيلة حياته أن ندم على عمل قدمه أو شارك فيه، بل كان ينتهى كل شىء بمجرد انتهاء التصوير وعرض العمل دون ندم أو تفكير فيما فات.

■ بالتأكيد مرت على الراحل أزمات عديدة وإن كانت فترة سجنه الأشهر والأصعب فى حياته.. ما الذى تذكرينه عنها؟

- فترة سجن والدى كانت بمثابة منحة من الله عز وجل ولم تكن محنة كما يتوقع البعض، خرج منها والدى شخصًا جديدًا يعرف الله جيدًا، وكأن القدر أراد له أن يتقرب فترة سجنه حولته من مسلم بالبطاقة إلى مسلم يعبد الله على حق ويعرف جيدًا أصول دينه ويلتزم بالصلاة والصوم وقراءة القرآن، كما كان ينظم مسابقات ودورى كرة قدم داخل أسوار السجن، وكون علاقات وصداقات كبيرة.

■ فى النهاية.. هل كان يرى سعيد صالح أنه يستحق مكانة أكبر من التى نالها؟

- على الإطلاق، بل كان راضيًا كل الرضا عما قدمه ووصل إليه طيلة حياته، وأعتقد أنه لو عادت به الأيام ما كان سيغير الكثير فى حياته.

■ مَن الفنان الذى يكان يُضحك سعيد صالح؟

- والدى كان من عشاق أحمد حلمى، وكان يرى أنه سيكون صاروخ الكوميديا فى مصر وكان يحرص على متابعة كل أعماله وتنبأ له بمستقبل جيد، كذلك كان يتابع أعمال محمد هنيدى.