الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

هل فاز كمال داود بجائزة «جونكور» بسبب دعم إسرائيل؟

كمال داود
كمال داود

أثار فوز الكاتب الروائى الجزائرى المقيم فى فرنسا، كمال داود، بجائزة «جونكور»، أمس الأول الإثنين، عن روايته «الحوريات»، حالة واسعة وممتدة من الجدل فى الساحة الثقافية، ليس الجزائرية فقط، بل على مستوى الوطن العربى.

و«الحوريات» صادرة عن دار «جاليمار» باللغة الفرنسية، وترصد ما مرت به الجزائر من حرب أهلية خلال عقدين من الزمن، تحديدًا فى تسعينيات القرن الماضى، أو ما اصطلح على تسميتها بـ«العشرية السوداء».

تباينت ردود الأفعال على فوز «داود» بجائزة «جونكور» للعام الجارى ٢٠٢٤، التى تعد من أبرز الجوائز الأدبية الفرانكفونية، بين محتفٍ وفخور بفوز جزائرى عربى بها، وبين من يحط من شأن الرواية ومؤلفها، ويرجع حصوله على الجائزة إلى تصريحات مقتطعة من حوار صحفى أجراه واُتهم بسببه بـ«التطبيع مع إسرائيل ومساندتها».

وبعد دقائق من إعلان فوز كمال داود، الذى يوصف بـ«الكاتب الفرانكوفونى»، بجائزة «جونكور»، اتهمه الكاتب الفلسطينى الأردنى، فخرى صالح، بدعم إسرائيل، مستشهدًا بما كتبه «داود» بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، فى مجلة «لوبوان»، خلال مقال بعنوان: «رسالة لإسرائيلى مجهول».

يقول «داود» فى المقال: «لقد استغرق الأمر منى وقتًا طويلًا حتى أتمكن من مقابلة شعبكم ومحاولة فهم تاريخكم. أعتقد، وربما أخطئ، أننا لا نفهم فى بلادنا غضبك من العيش بعد قرون من محاولات الإبادة. ولا نفهم شيئًا من معاناتك القديمة أو الثقل المروع للأرض التى تمت استعادتها أخيرًا. ولا نفهم أنك فى حربك تريد الدفاع عن نفسك ضد الموت المطلق، واختفاء أحبائك نهائيًا، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا».

واعتبر «صالح» أن مقال كمال داود «تبرير للإبادة الجماعية للفلسطينيين على أيدى ضحايا الغرب. فهل ثمة عمى أيديولوجى وأخلاقى أكثر من هذا؟ فلتهنأ بالجائزة، لكن كثيرين سيرون فيها مكافأة على موقف انتهازى وكراهية للذات».

وحول ما أشيع عن صدور قرار بمنع «الحوريات» من التداول أو النشر فى الجزائر، قال المترجم والناقد الجزائرى، بوداود عمير، فى تصريح خاص لـ«حرف»: «منع الرواية ليس قرارًا رسميًا، لكن هناك منعًا ما»، موضحًا أن دار النشر الجزائرية «برزخ»، التى عادة ما تطبع أعمال «داود»، امتنعت عن طبع ونشر الرواية. كما أن دار النشر الفرنسية «جاليمار»، التى أصدرت الرواية، لن تشارك فى معرض الكتاب الدولى، خلال الأسبوع المقبل.

وعن وصف الصحافة الفرنسية كمال داود بأنه «فرنسى من أصل جزائرى»، وهل لهذا علاقة بفوزه بالجائزة، قال الكاتب الجزائرى، أحمد طيباوى، فى تصريح لـ«حرف»: «هناك من هو أقدر منى على الخوض فى الموضوع. أنا الصراحة غير مهتم، فاز أو لم يفز». وفيما يتعلق بمنع الرواية، قال «طيباوى»: «لا أظن، عادة النظام عندنا أذكى من ذلك».

فى عام ٢٠١٤، حل كمال داود فى ضيافة برنامج «لم ننم بعد»، الذى تبثه القناة الفرنسية الثانية. وخلال اللقاء قال «داود»، فى رده على سؤال حول الهوية العربية: «أنا لم أشعر بنفسى يومًا عربيًا»، مشددًا على أنه «جزائرى وليس عربيًا»، لأن «العروبة تعنى الاحتلال والسيطرة».

كما قال «داود»، خلال اللقاء: «علاقة العرب بربهم هى من جعلتهم متخلفين»، وهو ما دعا عبدالفتاح زيراوى حمداش، مسئول تنظيم «جبهة الصحوة» السلفية فى الجزائر، إلى إصدار فتوى بـ«تكفير» كمال داود، والمطالبة بإعدامه علنًا.

وفى حوار منشور له بجريدة «لوموند» الفرنسية، عام ٢٠١٨، ترجمه مدنى قصرى، قال كمال داود، بصفته «كاتبًا ذا ثقافة إسلامية»، ردًا على سؤال: «ما رؤيتك للكتاب المقدَّس للإسلام، القرآن الكريم؟»: «أرفض أن يكون الكتاب محتكرًا من قبل رجال دين وخطباء وحركات سياسية».

وأضاف «داود»: «أرفض ألا يكون القرآن الكريم كتابًا للإنسان، إذا كان القرآن الكريم قد منحه الله للإنسان، فإنّه يجب أن يكون فى مستوى مهام الإنسان وسعيه، وقدرته على فكّ شفرات هذا الكتاب وتفسيره، وهذا ليس هو حالنا اليوم، وهو يعنى أنّ هذا الكتاب المقدس ليس ملتصقًا بقلقنا، لكن بيقيننا المسبق، فهو لا يقترب منا من خلال شكوكنا، لكن عن طريق الحقائق المطلقة والثابتة المفروضة علينا».

كمال داود

وحسب الكاتب والناقد والمترجم اللبنانى، أنطوان جوكى، فإن رواية «حوريات» عبارة عن «مونولوج» صادم وطويل، يضعه كمال داود على لسان شابة جزائرية، تتوجّه فيه إلى جنين فى بطنها «أنثى»، بغية سرد قصتها لها، وتبرير قرار وضع حد لنموه داخل أحشائها. 

ويضيف «جوكى»: «اسم هذه الشابة (فجر). ولا مصادفة فى اختيار الكاتب هذا الاسم لها، كونها تحمله مثل لافتة منيرة فى أكثر الليالى حلكة. فقبل أن تبلغ سن السادسة، تعرضت للذبح، خلال تلك المجزرة الرهيبة التى وقعت فى شمال غرب الجزائر، فى ٣١ ديسمبر ١٩٩٩، وراح ضحيتها ١٠٠١ شخص».

ويواصل: «تعرضت إلى ذبح من الوريد إلى الوريد، ومع ذلك، أفلتت من الموت، بخلاف جميع أفراد عائلتها. لذلك، لديها تاريخ ميلاد آخر هو الأول من يناير ٢٠٠٠، الذى أُنقِذت فيه حياتها، أو بالأحرى (نصف حياتها)، لأن لا أحد يخرج سالمًا من تجربة بهذه الفظاعة».