الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

صاحب أول رواية من تأليف «شات جى بى تى»: أفضل من كُتاب كثيرين

مروان محمد
مروان محمد

- العمل نتاج «ورشة عمل» لمدة ساعتين فقط مع البرنامج

- البرنامج هو من حدد الأسماء والشخصيات ووضع تفاصيلها الخاصة

- الحوار معقول ووصف المشاعر جيد.. وتقييمى له كناقد «7.5 من 10» 

نشر مروان محمد رواية من «تأليف» برنامج الذكاء الاصطناعى «شات جى بى تى»، تحمل عنوان «الدمعة الأخيرة»، مع اكتفائه بدور «المساعد» أو «المُلقن» للتطبيق واسع الانتشار، وفق وصفه لدوره ودور التطبيق فى إعداد هذه الرواية.

ولأن «مروان» خريج كلية الحاسب الآلى ونظم المعلومات، بالتالى يعرف كيفية التعامل مع «خوارزميات» الذكاء الاصطناعى، وفى نفس الوقت، هو ناقد ومؤسس دار «حروف منثورة» للنشر والتوزيع، بالتالى أيضًا ويعرف متطلبات الرواية من شخصيات ومكان وزمن وحوار وغيرها، ويمكن اعتبار تجربته هذه جديرة بالاهتمام.

فى الحوار التالى مع «حرف»، يكشف مروان محمد: كيف «ألف» تطبيق «شات جى بى تى» رواية «الدمعة الأخيرة»، وما دوره هو فى التجربة بشيء من التفصيل؟ وكيف يرى كناقد مستوى العمل النهائى.

■ ما قصة رواية «الدمعة الأخيرة» التى كُتب على غلافها «تأليف شات جى بى تى»؟ 

- خرج «شات جى بى تى» منذ عامين، وكان «ترند» آنذاك. كان فى بدايته ضعيفًا من حيث الإمكانيات، فرحت أراقب تطوره، وأغذيه بأعمال أدبية وروايات، حتى قررت «عقد ورشة عمل معه»، لقنته فيها تفاصيل الرواية، وهو يكتبها من واقع هذه التفاصيل.

■ هل كانت ورشة عمل «حقيقية» بينكما؟

- نعم، لمدة ساعتين. قلت له فى البداية إن هناك شخصية رئيسية فى العمل لها من العمر ٦٠ عامًا، تسكن فى الطابق السادس. فى المقابل، هو من حدد الأسماء والشخصيات، ووضع لها تفاصيلها الخاصة. هو من حدد وظائف كل شخصية، ومنحها حرية الحركة داخل الرواية. بعد ذلك اقترح تفاصيلها وتواريخها ونشأتها وعلاقتها ببعضها البعض، فطلبت منه صياغة الأحداث. كنت أسأله ويرد علىّ. كان يمنحنى مشاركة حقيقية حتى انتهينا من رسم الأحداث.

■ ما الخطوة التى تلت رسم الشخصيات والتفاصيل؟

- بعد أن وضحت الملامح الخاصة بالرواية، طلبت منه تقسيمها إلى فصول فقسمها إلى ٦ فصول، ثم طلبت منه تقسيمها إلى ٢٠ فصلًا، ووضع فكرة عامة لكل فصل، ففعل كما طلبت. راجعت الأفكار العامة، ثم أجرى تعديلًا مرة أخرى وفقًا لهذه المراجعة.

طلبت منه بعد ذلك كتابة الفصل الأول، وبعد أن قرأت الفصل طلبت منه مراجعته، وتكثيف المشاعر مقابل زيادة جرعة الحوارات الداخلية، فأعاد كتابتها مرة ومرة، وقلت له فى الأخير: اكتب باقى الفصول كما فعلت فى الفصل الأول فكتبها.

هذه الرواية نتاج جلسة استمرت لمدة ساعتين فقط مع «شات جى بى تى».

■ من واقع رؤيتك كناقد، كيف ترى إنتاج «شات جى بى تى» فى كتابة الرواية التى أشرفت على كتابتها؟

- دعنى أقول لك إن «شات جى بى تى» تطور جدًا، وأصبح أكثر قدرة على التعلم. خلال العامين المنصرمين تطور من ناحية الكتابة، وأصبحت لديه مبادئ «كاتب جيد». الحقيقة أن العمل كان به إعادة لوصف المشاعر عدة مرات بصيغ مختلفة. كان هناك جزء به ملل أعدنا كتابته. كذلك حوار الشخصيات تم تطويره.

«شات جى بى تى» كأنه شخص يكتب لأول مرة، هو كاتب جيد كمبتدئ، ويستطيع البناء أكثر فيما بعد. الحبكة لديه شبه متوازنة. حتى نهاية العمل كانت معقولة. 

دائمًا الكاتب المبتدئ تكون لديه «مراهقة درامية»، ويستخدم جرعة كبيرة من الدراما، على اعتبار أنها تخدم النص، على خلاف الحقيقة، فالكاتب الجيد هو من يمنحك نهاية معقولة دون رد فعل. بالمثل، قدم «شات جى بى تى» صورًا درامية حزينة.

لكن حوار البرنامج فى الرواية معقول، ووصفه للمشاعر جيد. حقيقى أن الزمن كان غائبًا، لكنه يمنح مدلولات لهذا الزمن، فتستطيع أن تدرك أنه يتحدث عن حقبة الأربعينيات أو الخمسينيات. الشخصيات مرسومة بشكل معقول ككاتب مبتدئ كما قلت. تقييمى له «٧.٥ من ١٠»، ومستواه لا يصل إليه الكثير من الكتاب المبتدئين.

■ الكثير من الكُتاب الكبار قالوا إن الفارق بين «شات جى بى تى» والإنسان هو المشاعر.. كيف ترى ذلك؟

- هم يتحدثون بشكل عاطفى. أنا تخرجت فى كلية الحاسب الآلى ونظم المعلومات، لذا أفهم «الخوارزمية» التى يعمل بها «شات جى بى تى». فى البداية يُغذى بالكثير من الكتابات لنجيب محفوظ وغيره من الأدباء. أنت يُمكن أن تعلمه وترفع له عدة ملفات يقرأها، وبعدها تقول له من واقع قراءتك لهذه الملفات أريدك أن تركز على المشاعر الموجودة فى الرواية، فيقوم بالشرح والتركيز والتحليل. تقول له استخدم المشاعر نفسها فى صياغة رواية، لذا مسألة العاطفة قابلة للتعلم من قبله. «شات جى بى تى» ليس حياديًا، هو آلة متعلمة متصلة بالمعلومات التى تغذيها بها، لذا يمكنها أن تعبر عن المشاعر بشكل جيد.

■ كيف ترى تأثيره على الكُتاب مستقبلًا إذن؟

- لدىّ وجهة نظر قاسية، هى أن الكثيرين من الكُتاب أسوأ من «شات جى بى تى»، هم ينسخون من بعضهم فى الأساس، ومستوى قراءاتهم ضعيف، ورواياتهم نسخ من بعضها. نحن لدينا «انفجار فى الكُتاب»، وهى ليست ظاهرة جيدة كما يقول البعض.

«شات جى بى تى» سينحى هؤلاء جانبًا، لأنهم ليست لديهم الموهبة. مستقبل «شات جى بى تى» يمكن أن يكون كبيرًا. هو مشرف وملقن وليس مؤلفًا. فى المقابل، ستبقى قلة مبدعة من البشر لها اسمها. أما الظواهر «الفقاعية» فستختفى، لأن «شات جى بى تى» سيتجاوزهم بالطبع. من الظلم أن تقارن «شات جى بى تى» بهم.

■ كيف يمكن أن نميز بين كتابة «شات جى بى تى» والكتابة الإنسانية؟

- بكثرة القراءات التى تقرأها. «شات جى بى تى» بمستوى بعض الكُتاب فى العصر الحالى. لكن القارئ الحصيف يستطيع التفرقة بين الكتابة الإنسانية، والكتابة الآلية التى يمثلها الذكاء الاصطناعى و«شات جى بى تى».

 

مقدمة رواية «الدمعة الأخيرة»

الحقيقة لا أعرف كيف أبدأ الحديث، أنا لا أكتب مقدمات لأى أعمال أدبية أكتبها أو أشارك فى كتابتها. أيضًا لم يسبق لى أن اشتركت مع مؤلف آخر فى كتابة رواية. لأننى كنت أرفض هذا الأمر، والغريب أنه عندما اتخذت القرار بفعل ذلك كان شريكى فى هذا الأمر الذكاء الاصطناعى «شات جى بى تى».

لا يمكن أن أدعى أننى شريك فاعل فى كتابة الرواية، ولكن يعود السواد الأعظم، إن لم يكن كل هذه الرواية، فى كتابتها إلى «شات جى بى تى». يمكن القول أيضًا إن دورى ينحسر فى مشاركة الأفكار حول الخطوط الرئيسية لمسار أحداث تلك الرواية، وإرساء الخطوط العريضة للعلاقات بين الشخصيات، وأيضًا إنشاء هذه الشخصيات.

مشاركتى الفعلية كانت عبارة عن جلستى نقاش امتدت كل واحدة منهما إلى ساعة واحدة فقط، كانت عبارة عن نقاش فعّال متبادل بينى وبين «شات جى بى تى» عن مقترحات متبادلة حول رسم الروابط والعلاقات بين الشخصيات وصناعة الأحداث.

أما من نفذ عملية السرد والوصف، وإظهار المشاعر والعاطفة الداخلية لدى الشخصيات، وبشكل منفرد، كان الـ«شات جى بى تى»، كاملة دون تدخل منى، إلا فى موطن أو اثنين على الأكثر تدخلت فيهما. ليس أكثر من ذلك، كل ما هو مكتوب أمامكم صنعه الذكاء الاصطناعى بمفرده دون الكثير من التدخل منى.