ثناء هاشم: 10 آلاف فيلم مصرى «لا نعلم عنها شيئًا»

- الأفلام المعروضة فى القنوات العربية حاليًا لا تمثل عُشر ما تم بيعه
- أجدد الدعوة إلى إنشاء أرشيف قومى لحماية تراثنا السينمائى
قادت الدكتورة ثناء هاشم، أستاذ السيناريو فى معهد السينما، حملة قوية لاستعادة الأفلام السينمائية المصرية التى بيعت فى الخارج، إيمانًا منها بأهمية الحفاظ على تراثنا السينمائى كمكون ورافد من روافد الهوية الوطنية.
قالت الدكتورة ثناء هاشم، فى حوار مع «حرف»، إن هذه الحملة بدأت مع حريق «ستوديو الأهرام»، والذى دفعها إلى تناول هذا الملف المهم فى أكثر من مرة، وأكثر من موضع.

وأضافت: «إذا كانت هذه الأفلام قد بيعت، ولم يعد لدينا ما نملكه حيال الأمر، فعلينا أن ننهض بـ(سينماتيك مصر) أو الأرشيف، بمعنى أن نحصل على نسخ من هذه الأفلام يتم إيداعها فى حوزتنا، حتى لو كان ذلك للأغراض التعليمية، وهو ما لم يحدث».
وبينت أن المكان المنوط به ذلك هو المركز القومى للسينما، الذى تخلى عن هذه المهمة بالكامل، لتنتقل هذه الأفلام إلى الشركة القابضة لصناعة السينما التابعة لوزارة قطاع الأعمال، بسبب رئيس المركز وعدم أدائه لدوره.
واعتبرت أنه مع هذا النقل أصبح للأفلام «أكثر من أب»، فجزء يخص وزارة الثقافة، وجزء يخص الشركة القابضة لصناعة السينما أو وزارة قطاع الأعمال، بالتالى مسئولية الحفاظ على الأفلام «تفرقت بين القبائل».
وأكدت أنها وغيرها كانوا يريدون الإطاحة بالمسئول عن ذلك، لكن فعل هذا لم يكن بمقدور فرد واحد أن ينجح فيه، مضيفة: «كل اللى عملناه أننا شاورنا على المشكلة، مع المطالبة بإنشاء أرشيف قومى لحماية تراثنا السينمائى».
وقالت إن السيناريست ناصر عبدالرحمن كان يتحدث فى «بودكاست» مؤخرًا، فأكد أن الأفلام التى تُعرض حاليًا على القنوات العربية، لا تمثل حتى عُشر الأفلام التى بيعت، مع وجود نحو ١٠ آلاف فيلم مصرى «لا نعرف أين ذهبت».
وقدمت الشكر لوزير الثقافة، الدكتور أحمد فؤاد هنو، الذى اجتمع معهم واستمع إلى مطالبهم، ووعد بإنجاز خطوات إيجابية فى هذا الملف، متمنية أيضًا تبنى حملة «استكتاب شعبى» لترميم أفلامنا بأموال الشعب، على غرار المشروعات القومية السابقة، مثل «حملة بنك مصر» وغيرها.
وعما إذا كانت لا تزال تتابع السينما فى دور العرض أم عبر المنصات الرقمية، أجابت: «حتى الآن، أُفضل مشاهدة الأفلام فى دور العرض، لأن طقس الفرجة فى قاعات السينما يرتبط بسيكولوجية التلقى، وكيف يتضاعف ذكاء المشاهد ويشعر بوجود شىء مألوف بينه وبين الفيلم، خاصة فى ظل طقس الفرجة الجماعية بهذه الدور».
وشددت على أن صناعة السينما فى مصر قديمة وعريقة، مضيفة: «لا أستطيع أن أقول إننا ليس لدينا مبدعون قادرون على أن ينهضوا بالصناعة، وبالتأكيد نحن لم نصبح مثل السينما الأمريكية، لأنه ليس هناك بلد فى العالم يقدم سينما فى مثل الولايات المتحدة».
وواصلت: «يجب أن نكون قريبين من السينما التى تشبهنا»، معتبرة أن «جزءًا من أزمتنا مرتبط بالعلم، وآخر مرتبط بفلسفة الفن، والثالث مرتبط بطرق التسويق والتعاون، فى وقت أصبح فيه العالم ليس جزرًا منعزلة».
ورأت أن دور العرض الآن ليست وحدها التى يعول عليها، فلكى يكتمل مسار الفيلم، لا بد أن يجد شاشة يُعرض عليها، حتى لو كان ببيعه إلى المنصات الرقمية، ومع ذلك، يظل عرضه فى دور العرض العامة ضرورة، لأن هذا أحد الأسس التى تقوم عليها صناعة السينما فى أى دولة.
وكشفت أن مشكلة السينما لم تبدأ مع بيع الأفلام إلى الخارج، بل تعود إلى ثمانينيات القرن الماضى، بالتزامن مع انهيار القطاع العام، وتبنى سياسات «الانفتاح» الاقتصادى، وهو ما ظهر جليًا فى توجهات «المؤسسة العامة للسينما».
وأضافت: «المؤسسة كانت تمتلك أفلامًا وآليات توزيعها، بالإضافة إلى أفراد متخصصين فى الإنتاج، لكن هؤلاء الأفراد أنفسهم، الذين كانوا مسئولين عن إنتاج الأفلام فى ذلك الوقت، هم من باعوها. كان لا بد من تدخل الدولة لتنظيم عملية بيع هذه الأفلام، خاصة عندما يكون الورثة غير مدركين لقيمتها الفنية، ما أدى إلى بيعها بأسعار زهيدة، كأنها بلا قيمة تُذكر. ونتيجة لذلك، لم يعد هناك سوى الكيانات الكبرى الاحتكارية التى اتجهت نحو إنتاج الأفلام الكوميدية الخفيفة».
وأشارت إلى مشكلة أخرى تتمثل فى استيراد التقنيات. كما أن المجتمعات كلما تعرضت للأزمات، وتظهر فيها مظاهر التردى بوضوح، وغالبًا ما يكون غياب قضايا المجتمع فى السينما دليلًا على هذا التردى.
وأشارت إلى أن «هذا التوجه تزامن مع حالة من الهوس نحو استهلاك التقنيات، واستبدال التقنيات القديمة فى صناعة السينما، ما خلق فوضى كبيرة فى صناعة الصورة السينمائية نفسها».
وواصلت: «استخدام هذه التقنيات دون فهم فلسفتها، أدى إلى ظهور نماذج فيلمية لا تعبر عن واقعنا»، مؤكدة أنها لا تمانع فى أن تكون السينما سلعة راقية، لكنها تعترض على تحولها إلى سلعة تجارية بحتة، تفقد قيمتها الفنية والثقافية.
وعن سبب فشل السينما فى كشف ممارسات تيار «الإسلام السياسى»، قالت أستاذ السيناريو فى معهد السينما: «بدأنا الحديث عن تيار الإسلام السياسى فى تسعينيات القرن الماضى بعد قرنين تقريبًا من وجوده فى الشارع، وكان قد وصل إلى مرحلة من التغلغل جعلت خلخلته تتطلب دراسة الظاهرة من جذورها».
وأضافت: «كل الأفلام المصرية التى تناولت ظاهرة الإسلام السياسى بدت وكأنها تصور المسلمين ككفار، مع تنميط للشخصيات وخلط بين التدين كعقيدة وكجزء من الثقافة المصرية، وبين تسييس الدين. كما أعيب على هذه الأفلام تركيزها على عرض الظواهر دون الخوض فى أسبابها الجذرية، ما أدى إلى تقديم صورة مشوهة وغير عميقة».