الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أحمد العوضى.. فن تصنيع بطل شعبى فى «حق عرب»

أحمد العوضى
أحمد العوضى

فى «حق عرب» دراما مكتوبة بحرفية، كل الأحداث مشدودة حتى آخر حلقة تم عرضها، بل على العكس، بعد الحلقة العشرين، الأحداث لا تزال تتفاعل وتتفتح، بينما إذا نظرنا إلى المسلسلات المشابهة، سنجدها قد تدهورت من الحلقة العاشرة، ويقوم صناعها بأمور غير منطقية لمط الأحداث، ويقحمون خطوطًا درامية متخلفة عقليًا لـ«استعباط» المشاهد.

ونحن جميعًا نعلم أن كل هذه الأعمال تُنسى بعد رمضان.

«حق عرب» أدهشنى حقًا، لأننى كنت قد فقدت الأمل فى الدراما، التى لا تتكون إلا من شباب صغار ومدونين يكتبون فى الورش من الباطن ومخرجين يعيشون فى فقاعة الزمالك والكمباوندات ويعملون على طريقة «شقلب واجرى».

عندما شاهدت «حق عرب» استغربت، وبحثت عن اسم المؤلف، فوجدته مؤلفًا غير معروف اسمه محمود حمدان، لكنه عمل سابقًا مع عادل إمام فى «عوالم خفية» وعمل آخر. والغريب أنه تخرج فى معهد فنون مسرحية، وهو أمر نادر هذه الأيام فى الوسط الفنى! لذلك، فإن العمل يخرج فيه الحد الأدنى من أصول المهنة والالتزام بها.

ازداد استغرابى عندما علمت أن المخرج هو إسماعيل فاروق، وإسماعيل مخرج قدير مشهور بالأفلام الشعبية وأفلام الشارع، ومن أشهر أفلامه «عبده موتة» و«النبطشى» و«القشاش» وكلها أعمال نجحت سواء فى السينما أو عند عرضها على التليفزيون. 

ومن ذكاء أحمد العوضى الاستعانة بإسماعيل فاروق، لأنه مخرج له يده فى الشارع ويفهم الدراما وحركة الأحداث داخل النص، رجل يفهم المهنة على الطريقة القديمة ويعرف كيف تتقدم.

رجل يمسك بكل خيوط الموضوع الذى يقدمه ويشدها إلى أقصى حد. ولا يعتمد على حركة شخصية واحدة والناس كلها تدور حولها. لا، هناك أكثر من شخصية فى العمل ولكل شخصية قصتها وكلنا ننتظر نهايتها. وهذه هى أصول الدراما القديمة، التى تجعلك تستمتع وتشاهد وتتعرف على النفوس من حولك وسلوكياتها من خلال ما تشاهده على الشاشة.

هذا عن المؤلف والمخرج.. فماذا عن البطل؟

ربما لا يعرف كثيرون أن أحمد العوضى ابن مدرسة نور الشريف الفنية. فهذا الشاب المولود فى عين شمس، لأسرة عادية مثلنا جميعًا، كان مهووسًا بـ«نور» وأحب التمثيل من أجله.

وفى سنوات الجامعة، وكان يدرس فى تجارة حلوان، قضى معظم أيامه على «المسرح»، لكن لم يكن أى طريق للتمثيل، حتى فوجئ بعد التخرج باتصال من زميل له.

الزميل كان يعلم بحب «العوضى» لنور الشريف.. فسأله: «مش عاوز تشوف الأستاذ؟».

وكانت الإجابة: «نفسى».

وقتها كان نور الشريف يختار «كاستينج» لمسلسله «ماتخافوش».. ولما عرف «العوضى» من زميله ذهب إلى هناك، وتحديدًا فى المهندسين.

هدفه كانت رؤية نور الشريف لا أكثر ولا أقل.. وبعد «طابور طويل عريض» وجد نفسه أمام «نور» الذى سأله: «جاى ليه؟».

وكان الرد الصادق: «عاوز أشوفك».. وبعد جلسة سريعة أحبه «نور» فيما يبدو.. وفى اليوم التالى كان «العوضى» يقرأ أحد مشاهد المسلسل.

وفى اليوم الثالث كان يوقع العقد.. ثم إذا به يفاجأ بدور لم يحلم به.. وهو دور ابن شقيق نور الشريف فى المسلسل.. وكان دورًا محوريًا.

اقترب بعدها من الأستاذ وصار فتاه المدلل حتى أن بعد «الدالى ٣».. بشره نور الشريف بأنه سيصبح نجمًا.

ومن هنا رفض أحمد العوضى كثيرًا من الأدوار التى عرضت عليه انتظارًا للنجومية التى وعده بها أستاذه.. ولما تأخرت ذهب إليه معاتبًا.. فقال له «نور»: «أكيد فى حاجة ناقصة.. اشتغل لحد ما يجيلك وقتك».

وأخذ بالنصيحة وبدأ «المذاكرة».. لكنه ظل ٤ سنوات كاملة بدون عمل.. حتى تعرف على الكاتب محمد أمين راضى وعن طريقه عرف المخرج خالد مرعى وشارك فى مسلسل «السبع وصايا».. وعن طريق الاثنين عمل فى مسلسل «العهد» مع المنتج طارق الجناينى.. وعن طريقه أيضًا تعرف على المخرج أحمد خالد موسى وقدم الأكشن لأول مرة فى مسلسل «الميزان».

وكان فاتحة خير شارك بعدها فى عدة أعمال مميزة مثل «كلبش» و«لآخر نفس».. حتى تحققت نبوءة نور و«بقى نجم» عندما قدم دور هشام عشماوى فى الجزء الأول من مسلسل الاختيار.. ثم صنع ثنائية متميزة مع ياسمين عبدالعزيز فى مسلسل «ضرب نار» و«اللى مالوش كبير».

وهذه المسلسلات قد وضعها «العوضى» فى مكانة جديدة وهى مكانة «البطل الشعبى».

نعم ما قرأته ليس فيه مبالغة على الإطلاق.. موسم بعد موسم اقترب «العوضى» من الناس.. وتحديدًا من أن قدم شخصية «سيف الخديوى» وتلاها بشخصية «جابر الكوماندا».

وها هو يعود بطلًا للناس فى «حق عرب» بشخصية «عرب السويركى».. مقدمًا أداءً متزنًا.. متقنًا.. به رائحة الكبار بحق.. ودع عنك «غربان السوشيال ميديا» التى تسخر من كل شىء.. وفقط افتح شاشتك واجلس واستمتع.

ستجد «واحد من الناس» أمامك.. ممثل منا وإلينا.. لا بتكلف ولا تزيد.. باختصار ممثل زى الكتاب ما بيقول.

شكرًا لصناع «حق عرب» الذى أعاد «دراما زمان».