عصام سنوسى يكتب: الغريب
الراجِل الوارِث عِناد أهلُه وناسُه، مُصِر يردد حِكايات ذكرياته عن سنتين قضاهُم أول تعيينه فى مركز قريب من السد العالى، عشمان يروح رحلة كام يوم بعد الغيبة الطويلة، واثق إن كل اللى يعرفوه هيفتكروه بعد الخمس وأربعين سنة اللى مرت من يوم مَا سابهم، ومتأكد تمامًا إنهم هيمسكوا فيه ويتخانقوا علشان يحددوا مين فيهم هينول شرف استضافته، طبعًا هياخدوه بالأحضان ويسألوه عن كل حاجة حصلت معاه خلال السنين اللى فاتت، هياكل زلابية عند الست التخينة على أول الشارع، هيصلى الفجر فى مقام سيدنا أبوشال ويولع له شمع وبخور ومستكة، عنده قناعة تامة إن اللى بيشتغلوا فى مُستوصف الفرنسيسكان هيرحبوا بيه كالعادة، يقيسوا له الضغط والسكر ويحلفوا براس أبوهم إنه ما يدفعش أى فلوس، بيتمنى يلحق بنت الجيران أم مريلة زرقا، يبتسم فى وشها ببلاهة، فتبص له بتعالى، تكشر، وتقول له: سِم، وأمها من البلكونة بتدعى إنه يكون من قسمِتها ونصيبها، فى طريقُه المُعتاد هيمُر على فخرى أفندى مُدرس الإنجليزى المكحكح، يمضُغ معاه سُعوط مع قهوة ع الريحة، ويشوفوا رجول النسوان الماشيين فى الشارع من شباك البدروم اللى ساكن فيه، لما هيخُش مدرستُه، يشوف العيال خرزانتُه الملفوف عليها شكرتون أسود، هيختفوا فورًا فى الفصول ويخِف ضجيج الدنيا شوية، فى الغدا هينسى كُل تعليمات الدكاترة، وياكُل فِسيخ براحتُه، يهضم بكركديه وعرديب وينام حاطِط رجل على رجل، وفمنامُه هيدعى ربنا ياخُد رُوحُه هِناك.