الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

محمد عبدالحكم يكتب: مسامير الشمس

الشمس
الشمس

ماذا يفعل ذلك الولد؟

إنه يثبت حصير الشمس على بابه بالمسامير، يسند ظهره على شفيف الضوء ويضحك، يندهش حين يراها تفلت منه وتسرح فوق الجدران، حيث يتجمع العيال هنا على هذه العتبة، يتزاحمون بجوار الباب العتيق، يصطلون بالدفء، ويتأملون نمنمات خطوط الخشب حين تتشابك، تتفرع طرقًا ودوائر وأخيلة وأشجار حكايات، يود لو يظلون جالسين هكذا لحين مجىء أمه من السوق.

أمه لا تسمح له بمغادرة البيت، فربما يعود أخوه من البلاد البعيدة، هم فى انتظار مجيئه منذ سنين، منذ أن خرج وراء الحواة، وغاص بين الدروب، فلا أنبأت عنه ضاربات الودع، ولا مكبرات الصوت فوق المآذن، ولا صراخ الأم منكوشة الشعر بين القرى والنجوع. 

تدس فى يده بلحات وتميل عليه مهدهدة:

ـ إوع تسيب البيت يا ضناى يمكن يرجع الغايب.

وتمسح دمعاتها بطرف طرحتها وتمضى صوب السوق، لن يجدى معها الصراخ ولا الدمع، ولا التشبث بجلبابها، ولا التمرغ فى التراب، فى النهاية ستمضى وتتركه هنا على عتبة الباب، حيث لا يطيق الجلوس وحده، والعيال يتتبعون الشمس، هى تحط على بابهم أولًا، بعدها تجوب الشوارع، لذلك يدق فى الباب الذى امتلأ بالمسامير وسط ضحكات العيال الذين بدأوا يقومون، يتمطون ويتقافزون فى بحبوحة الشمس التى فرشت فضاءات الشوارع، فيبكى وينام على عتبة البيت فى انتظار الغائبين.