رفاق سيد حجاب يكشفون أسرار رحلته
ميرفت الجسرى: قالى لما تقررى تتجوزى كلمينى.. وجلوسى بجانب صمته أغلى ما فى الدنيا
الجلوس بجانبه على كنبة واحدة بالدنيا وما فيها.. كلمات قليلة لخصت بها ميرفت الجسرى زوجة الشاعر الكبير سيد حجاب علاقة ومسيرة ربع قرن من الزمان جمعتها بالراحل، حيث تحدثت لـ «حرف» عن كواليس فى حياة حجاب الزوج والإنسان والأب وهو الجانب الخفى لملاح الشجن، لتسرد رفيقة المشوار كيف بدأت تلك الرحلة وكيف لم تنته حتى الآن.
ميرفت الجسرى، ابنة جبال الأرز حيث الأصول اللبنانية كشفت فى حديثها عن شخصية وطباع فيلسوف العامية وكيف كان يكتب وماذا عن طقوسه الخاصة.. وإلى رحلة مع رفيقة العمر..
■ سيد حجاب ملاح وصياد كلمات من ذهب يعلمها القاصى والدانى.. كيف بدأت رحلتك معه؟
- منذ طفولتى أعشق الغناء، حيث درست فى معهد الموسيقى آلة القانون، وعندما كبرت قرأت لـ سيد حجاب وسمعت له كثيرًا، وعندما كنت فى ألمانيا درست الكيمياء، لكننى قررت أن أتجه للغناء بشرط أن يكتب لى الشاعر سيد حجاب كلمات الأغانى، لم أكن أعرف شكله، ثم التقينا بعد ذلك وتعرفت عليه وأول لقاء بيننا كأنه لم يكن غريبًا على الإطلاق وكأننا نعرف بعض جيدًا، وبدأنا نذهب معًا لمعارض الفن التشكيلى وملتقيات ثقافية، وبعد شهر من أول لقائنا قالى لو فكرتى إنك تتجوزينى تعالى قولى لى، ثم تزوجنا بعدها بعامين وفضلنا مع بعض ٢١ عامًا.
■ علاقة استمرت ربع قرن من الزمان.. كيف يمكنك وصفها؟
- حجاب كان زوجًا وصديقًا، أستغنى به عن العالم، جلوسى معه على كنبة واحدة كان بمثابة متعة حياتى ورغم أنه كان مدخنًا شرهًا ما كان ينعكس على بالتدخين السلبى إلا أننى لم أستطع الابتعاد عنه ولو لدقائق، حتى لو كنا نجلس صامتين، كان شخصًا ودودًا صافى النية والقلب، بيننا وصال روحانى وعاطفى وعقلانى لم ينقطع أبدًا.
■ ريم كانت ابنته الوحيدة.. حدثينا عن دور سيد حجاب فى حياتها
- كان يعامل ريم بمنتهى الحرية والاستقلالية، ويترك له حرية اتخاذ القرار والاعتماد على النفس، ويحرص على إعطائها المشورة حين تطلبها، مع منحها الثقة والرعاية الكاملة.
■ الطريق إلى قلب الرجل معدته.. هل انطبق المثل على فيلسوف العامية؟
- بالتأكيد، حجاب مثله مثل أى رجل يحظى الطعام الجيد بمكانة خاصة لديه، وكان السمك أكثر الأكلات التى كان يعشقها، ومن الممكن أن يستمر فى تناولها أسبوعًا كاملًا، كما كان يحب أيضا الملوخية بالطريقة اللبنانية، خاصة أننى من أصول لبنانية، والآيس كريم طوال الصيف، وأذكر فى بداية زواجنا كان دائم دخول المطبخ ليقوم بإعداد وجبات بنفسه حتى اكتشف مهاراتى فى الطبخ ليسلمنى الراية.
■ هل كانت له هوايات أخرى غير كتابة الشعر أم اقتصرت حياته على الفن؟
- الفن والشعر عشقه الأول والأخير، ولكنه أيضًا كان يميل للرياضة ومارس كرة السلة فى مرحلة الطفولة، وكان مشجعًا أهلاويًا أصيلًا يحرص على متابعة مباريات النادى الأهلى بشكل دائم، وكذلك مشاهدة مباريات الدورى الإيطالى والإسبانى.
■ هل شهدت علاقته بأى زميل من الوسط الفنى حالة خصام يومًا ما؟
- على الإطلاق، لم يغضب من أحد يومًا، ولم تشهد علاقته فى الوسط الفنى أى خلاف، حيث كان يحب الجميع، خاصة الوجوه الجديدة، وكان دائمًا يقول لى: داخل كل شخص موهبة وشىء يمكن اكتشافه، فلا تستهينى بأى شخص.
■ أعمال حجاب تركت بصمة بحروف من ذهب.. هل من بين تلك الأعمال ما ندم عليه؟
- حجاب كتب كلمات أغنية تتر مسلسل هوانم جاردن سيتى، وأعتز بتتر المسلسل جدًا وأعتبره من أجمل أعماله، ولكنه ندم على المسلسل فى حد ذاته حيث اعتبره لا يعبر عن رؤيته وأفكاره.
■ الراحل جمعته علاقة وثيقة بالموسيقار بليغ حمدى.. حدثينا عنها؟
- بليغ حمدى لم يكن مجرد صديق لسيد حجاب، بل كان شقيقه، جمعتهما أعمال فنية عديدة ورائعة، وحتى قبل وفاة حجاب بفترات قليلة كان يبكى بشدة حينما يستمع لألحان بليغ حمدى أو مقطوعات من أعماله.
■ ماذا عن «الدويتو» التاريخى الذى جمعه بالموسيقار عمار الشريعى؟
- عمار الشريعى وسيد حجاب شكلا جزءًا كبيرًا من تاريخ الفن فى مصر بل والعالم العربى، حيث جمعتهما أعمال لا يمكن لأحد أن ينساها، كما كان حجاب صاحب الدور الرئيسى فى اكتشاف الشريعى، وكان يعلم أنهما سيشكلان نوعًا جديدًا من الغناء والفن فى مصر.
■ هل كانت له طقوس معينة أثناء كتابة أعماله؟
- حجاب كان يكتب فى كل وقت حتى لو كان جالسًا مع أصدقائه، كانت لديه نوتة خاصة يكتب فيها مسودات، ولكنه كان يكتب داخل رأسه أولًا بحيث لا يبدأ بالكتابة على الورق إلا بعد اختمار الفكرة تمامًا، كان أحيانًا يستيقظ من نومه ليكتب بعض الخواطر ثم يعود للنوم.
■ ما أطول فترة احتاجها لكتابة عمل معين.. وهل كان يستشيرك؟
- أذكر أن قصيدة قبل الطوفان استغرق فى كتابتها عامين من ٢٠٠٦ حتى خرجت للنور فى عام ٢٠٠٨، وكان حريصًا بعد كتابة القصيدة على استشارة عدد من الأصدقاء بمختلف فئاتهم، ثم يطلب منى الجلوس للاستماع والمشورة.
■ فى النهاية.. هل غادر حجاب الدنيا وهو مطمئن على تركته الفنية راضيًا عن مسيرته؟
- بكل تأكيد، حجاب عاش حياته بالكامل همه وشاغله الناس وفقط، عاش على يسار السلطة لم يداهن أو يجامل يومًا، ونال ما يستحقه من تكريم فى حياته، يكفيه حزن الناس على فقدانه ليعلم أن عمره لم يذهب هدرًا، حجاب عاش صبورًا عاطفيًا لم يكره إلا الظلم، أما عن أعماله وتكريمه فقد أطلقت بنفسى منذ عدة أعوام جائزة باسم سيد حجاب عن شعر العامية، وفى العام الماضى وفى عيد ميلاده احتفلنا بأول فائز بالجائزة، ولكنها توقفت لحاجتها إلى دعم من قبل المسئولين من أجل استمرارها والحفاظ على مسيرة وتراث سيد حجاب.