الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مواجهة ساخنة مع رئيس المركز القومى للمسرح

إيهاب فهمى
إيهاب فهمى

- أصدرت 4 أعداد من مجلة «المسرح» وتوقفت بسبب انتهاء البروتوكول مع هيئة الكتاب

- توثيق العروض توقف فى 2024 بسبب «امتلاء الهاردات».. وجار شراؤها

- البحث المسرحى فى مأزق.. ونعانى من ندرة فى الأبحاث والباحثين

حالة كبيرة من الجدل والاهتمام أثارها المقال الذى نشرته «حرف» فى عددها الصادر يوم 9 أكتوبر الجارى بعنوان: «أسئلة مشروعة عن أدوار المركز القومى للمسرح»، والذى وجهنا فيه عددًا من الأسئلة المهمة حول المركز القومى للمسرح، وأدواره الغائبة فى التوثيق والبحث المسرحى.

وإيمانًا منا بأن حق الرد مكفول، وأن ما نبغيه من إثارة قضية ما حول أى مؤسسة ثقافية هو الإشارة إلى ما بها من خلل لإصلاحه، وما تحققه من نجاح لدعمه ومساندة القائمين عليه، لما فيه صالح الوطن والمواطن فى المقام الأول، لذا توجهنا إلى المركز القومى للمسرح لإجراء حوار مع الفنان إيهاب فهمى، مدير عام المركز، الذى طرحنا عليه تساؤلاتنا السابقة وأخرى جديدة، فكان هذا الحوار.

وتجدر الإشارة إلى أن الفنان إيهاب فهمى تولى مسئولية المركز القومى للمسرح فى يونيو 2023، حين كانت إدارة مركزية وفقًا لهيكل الوزارة القديم، ثم انتهت فترته فى يونيو 2024، وغاب عن المركز قرابة الـ3 أشهر، قبل أن يعد كمدير عام، بعد أن تحول المركز من «إدارة مركزية» إلى «إدارة عامة».

■ ما وضع مجلة المسرح حاليًا؟

- توليت فى يونيو ٢٠٢٣، وكانت المجلة متوقفة بالفعل قبل مجيئى، وآخر عدد صدر فيها كان فى فبراير ٢٠٢٣ وعقب انتهاء فترة تولى ياسر صادق رئيس المركز السابق، ظلت المجلة متوقفة لقرابة الـ٤ أشهر، وحين توليت عقدت الاجتماع الأول لمجلس إدارة المركز وتوفى الكاتب الكبير الأستاذ محمد أبوالعلا السلامونى أثناء الاجتماع، الذى كان على رأس جدول أعماله مناقشة عودة المجلة، وكثفت الجهود لإصدار المجلة فصدرت ٤ أعداد «يوليو وأغسطس وسبتمبر وأكتوبر ٢٠٢٣»، ثم انتهى البروتوكول الذى كان منعقدًا بيننا وبين الهيئة العامة للكتاب لتولى طباعة المجلة فى ١ نوفمبر ٢٠٢٣ فتوقفنا.

■ أليس من المفترض أن يُجدد البروتوكول تلقائيًا؟

- لم يحتوِ البروتوكول على هذا البند، ربما لمراعاة معدلات الزيادة السنوية فى أسعار الطباعة، فوفقًا للبروتوكول السابق كنا ندفع ثمن الطباعة للهيئة، بالإضافة إلى مكافآت هيئة تحرير المجلة، ولا يجوز قانونًا أن نصدر المجلة دون هذا البروتوكول، الذى يفيد بموافقة الهيئة العامة للكتاب جهة الطبع وصاحبة الترخيص حصريًا.

لذا بمجرد انتهاء البروتوكول صرت مقيدًا. والحقيقة أننى لا أعرف لماذا نعقد بروتوكولات تعاون داخلية، ونحن جهات داخل نفس الوزارة، ومن المفترض أن يكون التعاون والتكامل بيننا أمرًا طبيعيًا؟

■ ألم تحاول تجديد البروتوكول؟

- طلبت من عبدالرازق حسين، رئيس تحرير المجلة، صياغة بروتوكول جديد، وتم رفعه للسلطة المختصة بتاريخ ٢٢ نوفمبر، وكان البروتوكول الجديد يعفينا من دفع تكاليف الطباعة فى مقابل عدد معين من النسخ تأخذه الهيئة ويكون عائد البيع لها، بما يحقق مصلحة مزدوجة: توفير نفقات وأيضًا ضمان توزيع المجلة عبر منافذ الهيئة فى كل محافظات مصر، عوضًا عن تكديس النسخ فى مخزن المركز القومى للمسرح، ولكن حصل خلاف قانونى حول إخضاع البروتوكول لقانون التعاقدات الحكومية ٨٢ وهو ما كان سيحمل المركز تكلفة مالية هو فى غنى عنها ويفرض على الهيئة عقوبات وغرامات تأخير وهى التى لم تتقاض أجرًا، وتلك الإشكالية القانونية هى ما نتج عنها عرقلة صدور البروتوكول طوال تلك الفترة، وبالتالى توقف صدور المجلة.

وفى النهاية عادت المجلة للهيئة، ولا أعرف لماذا خرجت من الهيئة ثم عادت إليها، ولماذا أصير أنا متهمًا ومضطرًا للدفاع عن نفسى، أنا فى النهاية موظف دولة مقيد بلوائح وقوانين تقيدنى مهما كانت سلطاتى لا أملك تجاوزها. وعلى الجميع أن يعلم حقيقة أن إيهاب فهمى لم يوقف المجلة فأنا مسرحى ومسئول ووطنى، ومن المؤكد أنه ليس من مصلحتى أن أوقف إصدار مجلة عريقة كمجلة المسرح، وأنا لم أدخر جهدًا فى محاولات استعادتها ولكن هناك تعقيدات خارجة عن إرادتى، كما لم أدخر جهدًا فى تذليل كل العقبات الخاصة بالكُتاب ومستحقاتهم والوفاء بها خلال فترة صدور المجلة، وبالمناسبة لدىّ عدد كان جاهزًا على الطباعة لولا ما حدث.

■ أين المركز من توثيق العروض المسرحية؟

- قد تتعجبين إذا قلت لك إننى لم أترك عرضًا فى ٢٠٢٣ داخل القاهرة أو فى محافظات مصر لم أوثقه بالكامل، ما حدث هو أننى جئت على وضع كالتالى: الهاردات التى تفرغ عليها مادة الكاميرات ممتلئة عن آخرها، واستعنا بالحلول الإلكترونية جميعها لسد تلك الفجوة حتى امتلأت جميعها عن آخرها، ويجب أن نأتى بهاردات جديدة. والتى حين تمتلئ سنأتى بغيرها، وكان الحل الحقيقى الذى سعينا إليه هو الرقمنة، وهو ما طلبناه وسعينا إليه مع وزارة الثقافة وحدث تواصل بين إدارة المعلومات ووزارة الاتصالات من أجل العمل على منصة رقمية، وقد أرشفنا بالفعل بعض المواد وصولًا لأن يكون المركز كله يتمتع بالرقمنة، وهو مشروع ضخم. 

■ لماذا هناك صعوبة فى شراء «الهاردات»؟

- طلبنا ولم تأتِ لأنها لم تكن مدرجة فى الخطة الاستثمارية للمركز فى ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤، وقد أدرجنا الهاردات فى خطة هذا العام، وجار العمل على إجراءات شرائها فى العام الجارى، علمًا بأننا نتكلم عن هاردات للتوثيق ليست كالهاردات العادية، هى هاردات يتراوح ثمنها من ٣٠٠ ألف لـ٥٠٠ ألف وفقًا لسعتها.

قبل ذلك وخلال ٢٠٢٣ رصدنا الحركة المسرحية فى كل مكان فى حلايب وشلاتين والعريش، وذهبنا مع مسرح المواجهة والتجوال، وحتى المسرح المستقل، فكنت أوثق كل عروض مسرح نهاد صليحة وعروض أكاديمية الفنون، ولكن توقف ذلك بسبب ما أطلعتك عليه من ملابسات الأمر.

أما مسرح القطاع الخاص فلا يحق لى أن أوثقه وإلا تعرضت للمساءلة، لذا يجب أن يكون هناك بروتوكول تعاون بينى وبين جهة مسرح القطاع الخاص، حتى يحق لى توثيق أعماله ولا أتُهم بأن لى مصلحة شخصية.

وبالنسبة للمهرجان القومى للمسرح، فقد انتهت فترة إدارتى للمركز فى يوليو ٢٠٢٤ ولم يأت التجديد لى فى حينه، وفى هذه الأثناء عقد المهرجان ولم يتم توثيقه ولم أكن مسئولًا حينها. 

■ أين دوركم فى التوثيق البحثى؟ أين الأبحاث التى تقدم رؤى وحلولًا لإشكاليات الواقع المسرحى؟ هل هذا الدور اقتصر على تقديم التهانى بأعياد ميلاد الفنانين أو إحياء ذكرى وفاتهم على «واتس آب»؟

- هناك مشكلة بحثية فى الحركة المسرحية ككل، وتعانى البحوث المسرحية من ندرة واضحة، على الرغم من وجود قامات كبيرة فى هذا المجال. ونبحث حاليًا عن حلول لهذه الإشكالية.

أما فيما يخص الاحتفاء برموزنا وفنانينا، فإن ذلك يأتى بسبب مشكلة حالية تحتاج إلى تدخل، وهى جهل الأجيال الجديدة بهذه الرموز، فبعضهم لا يعرف إلا «ويجز» مثلًا، لذا أردنا تقليل هذه الفجوة بتذكير الناس بتلك الرموز، فى تواريخ ميلادهم.

علاقتنا بالاطلاع صارت مرتبطة بالموبايل فقط، لذا أردنا استغلال ذلك لتقريب المسافة، وتعريف الأجيال الجديدة برموز المسرح والفنون الشعبية والموسيقى. مثلًا فنان زميل قدم أكثر من ٥٠ عملًا، قدم عمره للمسرح، ألا يليق بنا أن نقول له: «كل سنة وأنت طيب؟»، ألا يمكننا تخليد ذكراه فى الحياة والممات ونشعره بالتقدير، ما ينعكس بالإيجاب على حالته النفسية وطاقته للعمل؟ وبالطبع لا أستطيع أن أصدر ذلك فى مطبوعة ورقية، لأن المطبوعات غير الأساسية مقيدة بـ«حظر الصرف» حتى الآن.

■ مع التقدير لهذا البعد الإنسانى، دور المركز القومى للمسرح أكثر عمقًا من مجرد الإشارة إلى عيد ميلاد أو ذكرى وفاة.. لماذا لا يكون التقدير بجهد بحثى فى التعريف بالشخص وإنجازه؟

- أود الإشارة إلى أن مسألة تدقيق تاريخ الميلاد مسألة صعبة جدًا. والباحثون فى المركز درسوا آليات التوثيق الحديثة، فى ورشة مع قامة كبيرة فى البحث المسرحى هو الدكتور عمرو دوارة، تحديدًا فى «التقنيات الحديثة فى البحث المسرحى».

ونحن نعتبر ذلك مرحلة أولى من الجهد البحثى المطلوب، على أن تكون المرحلة الثانية مختصة بتوثيق المعلومات المطلوبة عن كل فنان وتدقيقها، مع ملاحظة ما أشرنا إليه من قبل حول نقص الباحثين فى المركز بصفة عامة.

■ لماذا لا تعقدون بروتوكولات تعاون مع أكاديمية الفنون والأقسام المتخصصة فى الجامعات لسد هذه الفجوة؟ 

- فكرة رائعة سنعمل عليها بالفعل.

■ ما آليات العمل التى ينتهجها المركز القومى للمسرح من أجل إتاحة المواد البحثية والوثائقية المرئية والمسموعة والمقروءة للباحثين؟ 

- يستطيع أى باحث أن يتقدم بطلب إلى الإدارة المختصة «إدارة التوثيق- إدارة المسرح- إدارة الموسيقى- إدارة الفنون الشعبية»، وسنتيح ونيسر له الحصول على ما يحتاجه، ومع مشروع «الرقمنة» الحالى، سنحقق قريبًا إتاحة وتداولًا أكبر لكنوز المركز.

■ أين متحف مقتنيات فنانى المسرح الذى توقعنا له ترويجًا أكبر بعد افتتاحه؟ 

- المتحف مفتوح ونتعامل فيه بالتذاكر، ونعمل على تحقيق الدعايا اللازمة له، وأخطط لإقامة «ريسيتال» أو «عزف لايف»: «تشيلو- فلوت- هارب»، وربطه بالمتحف، إلى جانب عرض فيلم على شاشة خارجية للتعريف بالمتحف ومحتوياته، وهو ما نعمل عليه الآن لحين تحديث آليات العرض.

المتحف يعمل، لكن ليس بالقدر الذى أطمح إليه، ولا الذى يطمح إليه أى منا. لذا لدى حلم أرجو أن نتعاون فى تنفيذه، خاصة أنه سيكون نقلة حقيقية للمتحف، يتمثل فى توقيع بروتوكول مع وزارة التربية والتعليم لتعظيم الفائدة التثقيفية والمالية للمتحف، عبر تنظيم رحلات مدرسية محدودة العدد إلى المتحف، وفقًا لطبيعة المكان، ليتاح لطلابنا التعرف على تاريخ الفنون ورموز المسرح والموسيقى والأدب. هكذا نستطيع الربط بين العائد الاستثمارى المالى والتثقيفى.

كما أننا أرسلنا فيديو ترويجيًا للمتحف إلى العلاقات الثقافية الخارجية، لإرساله إلى المراكز الثقافية المصرية فى الخارج، حتى نستطيع جذب الأجانب لزيارة المتحف والتعرف على آثارنا ورموز فننا الخالد. 

■ لماذا لا يعقد المركز مؤتمرًا ينتج عنه إصدار تقرير للحالة المسرحية؟

- يصدر المركز سنويًا كتابًا عن الموسم المسرحى، لكن عقد مؤتمر أمر يحتاج للنقاش، وربما نجد الفرصة سانحة للعمل عليه.

■ هل أضر الهيكل الجديد المركز القومى للمسرح؟ 

أنا لا أتدخل فى سياسات الدولة ورؤيتها فيما يخص الهياكل وموازناتها. لكن طبعًا غياب مجلس الإدارة هو المشكلة التى أواجهها حاليًا، فلا يجوز أن يكون هناك مجلس إدارة لإدارة عامة. كما أن المجلس كان بيت خبرة وسندًا علميًا يمنحنى الكثير من الدعم فى إدارة المكان، لذا رفعنا الأمر إلى السلطة المختصة، وفى انتظار الرأى القانونى.