العُقد الكبرى.. لماذا كان محمد جلال كشك يكره هيكل؟
- السادات كان يعمل على تقريب كثير من خصوم المرحلة الناصرية أو على الأقل الذين كانوا بلا حيثيات فى تلك المرحلة
ظل الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل محل ترصد وهجوم وغيرة، وصلت إلى حد تنافس شرس بينه وبين كثير من الكتّاب والصحفيين الذين عاصروه، وكان بعضهم يمارس مهنة الصحافة من قبله، ومنهم من التحق بها من بعده، ومنهم من عمل محررًا ورئيسًا لتحرير صحفهم، مثل الأخوان مصطفى وعلى أمين، ومنهم من كان زميلًا له، ثم تجاوزه هيكل فى سمات كثيرة، مثل الكاتب الصحفى موسى صبرى، الذى أمطر حسنين هيكل بكم كبير من الصفات الخبيثة فى كتابه «خمسون عامًا فى قطار الصحافة»، وشاع أن بطل روايته «دموع صاحبة الجلالة» محفوظ عجب، كان يرمز به إلى هيكل، وهو الكاتب الصحفى الوحيد الذى كان مجالًا خصبًا لكتابة الروايات، وقد شاع كثيرًا أن يوسف عبدالحميد السويفى فى رواية «الرجل الذى فقد ظله» لفتحى غانم، هو هيكل نفسه، وكذلك كان هيكل مجالًا لإحدى روايات إحسان عبدالقدوس، كل هؤلاء وغيرهم كانت حياة هيكل وصعوده مثيرة وملهمة فى كل تفاصيلها، منهم من كان ينافسه لكى يكون الشخص الأقرب إلى السلطة، مثل مصطفى أمين، وموسى صبرى، ومنهم من كانت حاسته الأدبية هى العنصر الوحيد الذى دفع فتحى غانم لكى يكتب عنه فى روايته الشهيرة، وكان فتحى مشغولًا طوال حياته فيما كتبه من روايات وأعمال أدبية بما يحدث فى الصحافة، وكثرت الاستنتاجات والتخمينات والتكهنات فى شخصيات كثيرة فى رواياته، أما إحسان عبدالقدوس فكان استغراقه الكبير فى الصحافة، وتأمله العميق فى الأدب، الدافع الرئيسى لكتاباته عن الحياة الصحفية، وكثيرًا ما كان يتساءل: هل أنا أديب، أم صحفى؟، كان ذلك السؤال يطارده، خاصة فى مرحلته الحياتية والصحفية والأدبية الأولى، التى كان يسجل فيها رحلاته الصحفية، فى أشكال سردية، حتى تحرر من تلك المزاوجة فى مراحل تطوره التالية.
وكل من عمل بالصحافة منذ عقد الأربعينيات، ومر بالأحداث التى مرّت بمصر، ومنذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، ونمو حركات التحرر فى مصر والعالم العربى، والصراعات الحزبية الشرسة التى كانت على الساحة فى مصر، ثم أحداث الإسماعيلية فى ٢٥ يناير، والتى كانت مواجهة بين المحتل الإنجليزى، وقوات الشرطة المصرية، ثم حريق القاهرة فى ٢٦ يناير ١٩٥٢، وإقالة حكومة حزب الوفد، لتأتى عدة حكومات أخرى، وتفشل، وتقوم ثورة ٢٣ يوليو لتكتب صفحة جديدة ومختلفة، يتفق البعض معها أو يختلف، لكن أحدًا لا يستطيع أن ينكر ذلك التأثير الذى أحدثته وتركته فى البلاد، التغيير الجوهرى فى طريقة ونظام الحكم فى البلاد، ومن ثم كانت الصحافة مجالًا مهمًا وعميقًا فى الارتباط بالسلطات، قديمها وجديدها، ولأن محمد حسنين هيكل كان يتمتع بذكاء كبير، استطاع أن يكون قريبًا دائمًا من مركز الحدث، وكذلك من صانعى الحدث، والأكثر قدرة على التفاعل مع الحدث وصناعه، والتعبير عنه بأفضل الطرق، وربما أسرعها، ولذلك كان دائمًا محل اهتمام من صانعى الحدث، وهذا ما جلب عليه الأحقاد، وكافة العداوات التى واجهها هيكل كانت نابعة من تلك المساحة.
ورغم كتابات فتحى غانم، وموسى صبرى، ومصطفى أمين، وإحسان عبدالقدوس، وغيرهم فى مواجهة هيكل، لم أقرأ بغضًا وعداوة وتربصًا وكرهًا مثلما قرأت عند الكاتب الصحفى محمد جلال كشك، وهو عاش فى العمل الصحفى والسياسى منذ أواخر عقد الأربعينيات، عندما كان فى محافظته المنيا، وكان عضوًا فى الحزب الشيوعى «الراية»، ثم كتب وأصدر كتابه الأول «مصريون... لا طوائف» عام ١٩٥٠، وكان الكتاب، كما كتبنا سلفًا فى الحلقة السابقة، ينتصر للفكر الطليعى والإنسانى، الذى يرفض التعصب والتطرف، والتفرقة بين الأديان، ويعتمد المواطنة كأساس للحياة بين الناس، وهذا أمر سنتناوله لاحقًا، ثم جاء بعده كتاب آخر أيضًا، يسير على الطريق الطليعى نفسه «الجبهة الشعبية» ١٩٥١، وهكذا تلاحقت الكتب التى تنحاز للحياة الأكثر اعتدالًا وإنسانية، وفى تلك الأثناء، انفصل، أو تخلى، أو أزيح عن الحزب الشيوعى، وانضوى تحت راية ثورة يوليو، والكتابة عنها كأنه واحد من داعميها الكبار الذين يمدحونها ليلًا ونهارًا، وتجلى ذلك بشكل قوى فى كتابه «روسى وأمريكى فى اليمن»، والذى كتبه عن رحلته فى بلاد اليمن السعيد، وعمل فى تلك الفترة فى مجلة «روزاليوسف» مع الأستاذ إحسان عبدالقدوس، وفى صحبة وزمالة كل كتّاب المجلة، وكان يكتب فى الشئون العربية، ولذلك توطدت علاقته بالأنظمة والصحافة العربيتين، وكانت ذروة مديحه لصحافة يوليو، المسرحية التى كتبها فى عام ١٩٦١، ونشرت فى مستهل عام ١٩٦٠، وتضمنت دراسة مهمة للكاتب الكبير يحيى حقى.
فى تلك الفترة، بدأت رياح الانقلاب الثالث لمحمد جلال كشك، امتزجت رؤيته السياسية والفكرية بأبعاد مناقضة للمرحلة التى بدأ بها، وذلك يعنى أن أزمة كان يمرّ بها، جعلته يتخلى عن مبادئه الأولى دون تفسير ذلك، وانضوى تحت لواء القومية العربية الإسلامية التى كان يدعو لها المحقق محمود محمد شاكر، وإلى جانب أنه كان يكتب فى مجلة روزاليوسف، راح يكتب فى مجلتى «الرسالة، والثقافة»، ومن مجلة الرسالة انطلقت الحملة الشعواء ضد الدكتور لويس عوض، وغالى شكرى- لم يكن حصل على الدكتوراه فى ذلك الوقت- وعبدالرحمن الشرقاوى، وغيرهم من الكتّاب الطليعيين، وكان هو التلميذ الأول للأستاذ محمود شاكر فى كل أفكاره وتوجهاته التى تضمنها كتابه المثير «أباطيل وأسمار»، وكان لويس عوض وجبة دسمة لهما، كما أنه- أى جلال كشك- تخلى تمامًا عن كل أفكاره الأولى، وكانت الحملة التى شنوها على لويس عوض، منظمة، حيث تناول محمود محمد شاكر كتاب «على هامش الغفران» للويس عوض، وتناول جلال كشك مسرحيته «الراهب»، كما تناول كتابه «المؤثرات الأجنبية فى الأدب العربى»، وكأن هناك مؤامرة فعلية على لويس عوض، والتحريض عليه، وقتله فكريًا وسياسيًا وأدبيًا، وهو يقحم حكاية الطائفية التى يضمرها هو، ثم يلصق بها الآخرين، مما سنعود إليه فيما بعد.
ظل جلال كشك يكتب كثيرًا، ورغم كل ذلك لم يحظ بأى منصب صحفى مرموق، كما أن تقلبه الدائم لم يكتب له شيوعًا وانتشارًا مثل مجايليه من الكتّاب المعاصرين له فى تلك المرحلة، منهم الدكتور مصطفى محمود، وأنيس منصور، وخالد محمد خالد، وأحمد بهاء الدين، وأحمد رجب، ومحمد عفيفى، ومحمود السعدنى، وفتحى غانم، وغيرهم من الكتاب والصحفيين، كل هؤلاء كانت كتاباتهم تتطور وفق خطوط مستقيمة وواضحة المعالم، وكانوا مخلصين لكثير من أفكارهم، ولم ينقلبوا عليها مائة وثمانين درجة، لذلك لم يستطع أن يصنع له قارئًا أو جمهورًا واسعًا من القراء الذين كانوا يتابعون الكتّاب الآخرين، وكان محمد حسنين هيكل على وجه الخصوص يصعد بدرجات سريعة، وتعتمده الدولة كمتحدث صحفى وإعلامى على درجة كبيرة من الثقة والإخلاص لها، والموهبة، والمعرفة، والأكثر تأثيرًا لقربه من صانعى الأحداث، وهذا كان يوفر له كثيرًا من المعلومات والأخبار والوثائق التى حرمت منها صحف ومجلات ووكالات أنباء أخرى، وهذا ما قلّب عليه كثيرون، وكان محمد جلال كشك أكثرهم عنفًا وبغضًا، ولكنه لم يستطع التصريح بذلك، إلا بعد خروجه من مصر عام ١٩٦٨، ليعمل فى مجلة الحوادث مع سليم اللوزى، الصحفى الأول فى لبنان، ومن ثم يدخل كشك فى دولاب الانقلاب الرابع الذى أوصله ليكون أحد العناصر التى تمد المتطرفين بكثير من الأفكار المتطرفة.
وعندما دبّ الخلاف بين محمد حسنين هيكل من ناحية، وسياسة الرئيس محمد أنور السادات من ناحية أخرى، راح كثيرون ينفخون فى نار ذلك الخلاف، وعلى رأسهم محمد جلال كشك، الذى كان يريد أن يجد له مساحة فى المرحلة الجديدة، التى راح السادات يعمل على تقريب كثير من خصوم المرحلة الناصرية، أو على الأقل الذين كانوا بلا حيثيات فى تلك المرحلة، وكانت معظم كتابات جلال كشك فى تلك المرحلة الأولى للسادات، أى قبل انتصار السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣، ذلك الانتصار الذى كتب ميلادًا جديدًا لمصر، وكتب كذلك ميلادًا سعيدًا للرئيس محمد أنور السادات، ولم يكن كشك قد بدأ هجومه الشرس على هيكل، ولكن بدأ هجومًا خفيفًا يتلمس فيه رد الفعل، وكانت أولى لقطاته، أنه ركز على حوار أجراه سليم اللوزى فى أكتوبر ١٩٧٢ مع الرئيس السادات، وأوضح السادات فيه أن جريدة الأهرام لا تعبر فى كل ما تنشره عن وجهة نظر رسمية، وهنا يلتقط الأستاذ كشك الخيط ليقول: «.. وهذه الحقيقة آن الأوان أن تعيها القوى العربية الرسمية، وغير الرسمية، فمن الضرورى، ومن أجل أن تقوم علاقات صحيحة بين مصر والعالم العربى، من الضرورى أن تؤخذ الأهرام بحجمها الحقيقى..»، بالطبع يريد الأستاذ كشك أن ينبه المسئولين فى الداخل والخارج على أن جريدة الأهرام لم تعد جريدة السلطة، ولم يعد هيكل هو المتحدث الرسمى لتلك السلطة، رغم أنه يستدرك قائلًا: «فالأستاذ هيكل، صحفى، وصحفى ممتاز، ومعلق سياسى تثير مقالاته اهتمامًا واسعًا لسعة اتصالاته ورشاقة أسلوبه... ولكنه لا يمثل وجهة النظر المصرية، وبالتالى لا يجوز أن تحمل مصر نتائج اجتهاداته، ولا أن يعمد البعض عن قصد، أو عن سوء فهم إلى الرد على مصر، الدولة والشعب كلما أساء اجتهاد من اجتهادات الصحفى هيكل، ولقد مرت فترة كان كل مقال للأستاذ هيكل يمر بأزمة عربية..»، وهنا يصول جلال كشك ويجول فى أرشيف هيكل منذ بداية عقد الستينيات، ويُحمله كثيرًا من كل الكوارث التى حدثت لمصر، للدرجة التى يقول بأن أى متاعب كانت تنال المصريين فى البلدان العربية كانت نتيجة لمقال من مقالات هيكل، فالاتحاد الثلاثى انفرط من خلال مقالة لهيكل، والتى كان عنوانها «إنى أتهم»، «.. وعبدالسلام عارف مات مقهورًا من إشارات الأستاذ هيكل الدائمة إلى مذبحة قصر النهاية»، وبعد أن يعدد جلال كشك كثيرًا من الكوارث المزعومة بين مصر والبلدان العربية، يقول: «.. وعشرات الأمثلة التى يمكن ذكرها، لولا أن فى إعادتها تحريك لحساسيات ليس من مصلحة العمل العربى أن تستمر»، ولا يترك كشك المجال مفتوحًا على مصراعيه، حتى تكون الرسالة واضحة، ويوجه خطابه للرئيس السادات قائلًا: «وفى عهد السادات، عهد الوضوح، والأحجام الحقيقية، لم يعد الإخلاص للعمل العربى أن يحمّل الناس فى الخارج، مصر الدولة والشعب، مسئولية كل ما يكتب فى الأهرام..»، ليس هذا ما يريده فقط محمد جلال كشك، أن يعمل على تقزيم جريدة الأهرام، وبالتالى تقزيم الأستاذ هيكل، وتحجيم سلطاته، بل إخراجه تمامًا من محيط السلطة، وذلك بين الخبث والوضوح، والغمز واللمز مثلما يقول: «فمن حق الأهرام أن تجتهد وأن تخطئ، ومن حق أى صحيفة عربية أن ترد عليها وتناقشها، دون أن تتأثر علاقات الدول العربية»، وهو هنا يقدم أفكاره للسلطة الجديدة، ويحذرها بقوة، وفى معظم مقالاته التى كتبها ونشرها فى مجلة الحوادث، ونشرها فيما بعد فى كتاب «كلام لمصر» عام ١٩٧٤، يوجه رسائل شديدة الوضوح بضرورة الإطاحة بهيكل، وتقليص نفوذه، ولا يخفى غيرته الشديدة، وبالتالى يقدم نفسه لكى يشغل مكانه، أو يشغل مكانًا يتمناه كرئيس لتحرير صحيفة من الصحف المصرية، ولا ينسى أن يورد واقعة شهيرة عندما أجرى هيكل حوارًا صحفيًا مع الرئيس الراحل معمر القذافى، وأن القذافى ذهب بنفسه إلى جريدة الأهرام، وظل الحوار بين هيكل والقذافى منذ العاشرة صباحًا، حتى الثامنة مساءً، وهذه واقعة أغاظت صحفيين كثيرين، ومن الواضح أن القذافى قال ما يفيد بأنه يكن تقديرًا كبيرًا لهيكل، وما قدومه بنفسه إليه فى جريدة الأهرام، إلا نوعًا من التقدير الخاص، وهنا يطلق جلال كشك عدة صافرات إنذار للسادات والسلطة المصرية، أن يغلّوا يد هيكل عن العلاقة بين مصر وليبيا، لأن حسنين هيكل أفسد كل العلاقات المصرية العربية، وبالتالى سيفسد العلاقة بين مصر وليبيا، خاصة أن بوادر تلك الأزمة بدأت عندما رصد القذافى مبلغًا وصل إلى ملايين الجنيهات لإنشاء صحيفة فى بيروت، وهذا يدل على أن القذافى نفسه لم يعد واثقًا بأن ينشئ تلك الصحيفة فى مصر، وهنا سال لعاب كثيرين على الأموال الليبية.
وفى سياق الخطوات الأولى للهجوم على هيكل، التى تطرق فيها إلى تفاصيل كثيرة، يعقد مقارنة بين هيكل وإحسان عبدالقدوس، وهى تعليقات يراها المعلقون- كما يقول- مختلفة تمامًا، لماذا؟، يقول كشك فى مقال له بتاريخ ١٧ أغسطس ١٩٧٣ بمجلة الحوادث: «الفرق بين إحسان وهيكل هو أن الأول ولد صحفيًا ورفض كل إغراء بأن يتخطى دوره كصحفى، والثانى وضع الصحافة فى خدمة السلطة، واستعان بالسلطة والاتصالات والنفوذ والإرهاب فى العمل الصحفى، إحسان كان على صلة بالضباط الأحرار قبل الثورة بفترة كافية عمل فيها عدد من قياداتهم فى مؤسسة روزاليوسف- لم يذكر بالطبع أسماء أى ضابط- وائتمنه هؤلاء على نشر سلسلة مقالات الأسلحة الفاسدة التى كانت أهم عمل إعلامى مُهِد للثورة، وأسقط هيبة النظام...، أما هيكل فقد ربط مصيره بدار أخبار اليوم، وكانت على صلة وثيقة بالقصر الملكى، وبينما كان إحسان يكتب عن السلاح الفاسد، كان هيكل أول صحفى يسمح له بدخول القصر وحضور حفلات السراى، ليكتب عنها سلسلة مقالات «تعال معى»، يشيد فيها بمآثر فاروق، وبينما كان الضباط الأحرار يعملون فى روزاليوسف- لم يذكر أيضًا نماذج- كان هيكل وثيق الصلة بآخر حكومات السراى، إلى حد ترشيح محمد نجيب وزيرًا للحربية فى حكومة نجيب الهلالى...».
هذه كانت المرحلة الأولى التى قرر جلال كشك أن يطارد فيها هيكل، ويهاجمه، ويفتح ملفات عفا عليها الزمن، ملفات لم يقترب منها إلا فى تلك الفترة التى شعر بأن الساحة سوف تخلو، وتنتظر مَن يحل محل هيكل، لذلك راح يقلّب الأوراق كلها، لإزاحة ذلك الخصم القوى بالنسبة له ولكثيرين، وقبل أن يكتب لإفساد الرواية الهيكلية عن تاريخ الفترة الناصرية، فى كتابه «كلمتى للمغفلين»، و«ثورة يوليو الأمريكية»، وللأسف يزعم كشك كثيرًا من الوقائع التى لا يأتى بأدلة على حدوثها، فضلًا عن أنه ينفى صحة أحداث، هو ذاته أكد عليها فى مطلع التحاقه بالعمل العام السياسى والصحفى فيما بعد، فهو أراد فى كتاباته التى كتبها لمهاجمة هيكل وجمال عبدالناصر، أن ينفى أى إنجاز لعبدالناصر، وسخر من هيكل عندما ذكر بأن انتصار المصريين عام ١٩٥٦ كان انتصارًا، وللأسف هو نفسه روى فى كتابه «روسى وأمريكى فى اليمن»، بأن المصريين حققوا انتصارًا تاريخيًا فى تلك الحرب، بل إن الفصل الأخير فى مسرحيته «شرف المهنة» كله جاء تمجيدًا فى انتصار المصريين عام ١٩٥٦، ولكنه لا يذكر الحقيقة إلا من وجه واحد فقط، وهذا ما سوف نسرده فى الحلقة المقبلة إن شاء الله.