الإبداع فى السياحة
حكاية الكلب البلدى الصايع، الذى تسلق هرم خوفو الأكبر، حكاية دمها خفيف، بسطتنا وأضحكتنا وشغلت مواقع التواصل الاجتماعى بتعليقات طريفة بعد أن تناولتها وسائل الإعلام الغربية، واعتبرها البعض أكبر دعاية سياحية للآثار المصرية منذ سنوات طويلة، ناهيك عن أنها دعاية مجانية لم تكلف الدولة جنيهًا واحدًا.
هذه الحكاية تحيل إلى دلالات يجب التوقف عندها وتأملها، وهى دلالات تتعلق بالأداء الترويجى للسياحة المصرية فى العالم، فما قام به هذا الكلب البلدى ينطبق عليه ما يسمى «التفكير خارج الصندوق»، والكلب الظريف لم يفكر بالطبع فى عمل دعاية سياحية خارج الصندوق، ولم يفكر فى الترويج الإعلانى، لأنه أولًا وأخيرًا مجرد كلب بائس من كلاب الشوارع فى مصر.
لكن هل يفكر القائمون على الترويج السياحى أفكارًا خارج الصندوق؟ هل هناك أفكار سياحية خلاقة مبتكرة جاذبة للسياحة بالفعل؟
إن الأفكار المبتكرة الخلاقة تحتاج إلى مبدعين، قادرين على التخيل والتفكير بعيدًا عن النمطية وكل ما هو تقليدى متكرر داخل الصندوق المحدود الضيق، ووزارة السياحة، المنوطة بالترويج للسياحة المصرية، بها جيش من الموظفين القابعين طوال الوقت داخل الصندوق وليس بعيدًا عنه.
العمل السياحى يجب أن يدار بمبدعين خلاقين، فالموظف يدور داخل الدوائر البيروقراطية الضيقة ويفتقد الخيال، أما المبدع فهو قادر على التحليق بعيدًا بأفكاره المدهشة الجذابة.
المواقع السياحية سواء آثارية أو غير آثارية يفتقد معظمها إلى الجمال، ناهيك عن النظافة، أين دور المؤسسة المسئولة عن السياحة من ذلك؟ فكم فنانًا مبدعًا يعمل بوزارة السياحة؟!، وهل استفادت وزارة السياحة من حكاية الكلب؟ هل وظفت قصته الطريفة واستفادت منها دعائيًا؟
لو كان هذا الكلب فى بلد آخر، لكانوا صنعوا له تماثيل صغيرة وقمصانًا عليها صورته وباعوها فى المواقع السياحية، وأظن أن الباعة فى منطقة الهرم سوف يأتون بالكلب إياه أو بكلاب على شاكلته كى يتصور السياح إلى جانبه، ولسوف يبتكرون أفكارًا كثيرة خارج الصندوق للاستفادة من ذلك الكلب وحكايته فى التكسب السياحى، أما وزارة السياحة فهى وزارة السباحة عكس التيار.
حكاية الكلب الذى تسلق الهرم حتى قمته يجب أن تدفعنا لإعادة التفكير فى وسائل الترويج لما نملكه من إمكانات سياحية متنوعة وهائلة فى كل مكان بالخريطة المصرية العامرة، فالصندوق الذى نروج من داخله، ضيق.. ضيق جدًا.