آدم ياسين
٢٥ يناير ٢٠١١ لحظة تجاوزت بـ النسبة لى الأسئلة المعتادة حواليها: هل هى ثورة؟ مؤامرة؟ انتفاضة؟ أى توصيف من هاتيك التوصيفات الدالة على طبيعتها اللى مش ممكن نعرفها من غير ما نعرف كواليس لا سبيل لـ معرفتها. بل إنها تجاوزت الكلام عن نتايجها وما نتج عنها وما تسببت فيه، لكن هذا لا يعنى إنها بقت لحظة ميتة، بـ العكس هى حية فى تفاصيل كتير، أنا ذاتى بـ أعتبر نفسى نتاج ٢٤ يناير بـ معنى ما.
المهم، ما تمثله اللحظة هو أنها كانت انفجار كبير فى ضوئه اتعرفت واتشافت ناس وظواهر وحاجات، ما كانش ممكن تتشاف على نطاق واسع لولا الفترة من ٢٠١١ لـ ٢٠١٣، ومهما كان الأمر فـ هذه الأمور بقيت على الأقل، إن لم تكن استمرت، وبقى لها حيز كبير من الوجود.
من الناس اللى كان لـ يناير فضل إلقاء الضوء عليهم آدم ياسين، الذى يمتلك قدرًا هائلًا من الطاقة، حتى وهو قاعد فـ هى فائضة ومسببة لـ قدر كبير من الحماس والبهجة لـ الواقعين فى محيطها، ودا فى مجالات كتير كتير ومتباينة، وعجيب إنها تتوفر فى شخص واحد.
اللى لفت انتباهى فى آدم إنك أى مجال تفتح الكلام فيه، تلاقيه، مثلًا فى النقد الأدبى بـ مفهومه الأكاديمى، ودى حاجة صعبة جدًا ونادرة، فى ظل ماسورة النقاد الانطباعيين اللى ضربت فى البلد قبل ٢٠ سنة ولسه بـ تضرب، هـ تلاقى آدم على معرفة أكتر من كافية بـ كل المدارس النقدية، ومطلع على إسهامات كبار النقاد فيها بـ العربية والفرنسية، إذ إنه يجيد الفرنسية إجادة تامة، ويدرسها بـ تشديد الراء.
طيب واحد زى دا، مش طبيعى خالص إنك لما تتكلم عن كتب الرصيف، وتاريخها الثرى الممتد، وتجلياتها ودلالاتها، تلاقيه عارف أى كتاب صدر لـ أى كاتب أو دار نشر تحت بير السلم، وعارف توجهات الكتب دى واتجاهاتها، وطريقة صناعتها.
طيب، يبقى هو مثلًا مهتم بـ الكتاب المطبوع عمومًا! لأ برضه، لـ إنه مفيش منتَج فى المسرح أو السينما أو التليفزيون ما عندوش عنه معرفة أكتر من كافية، وعنده فكرة موسعة عن أى سيناريست أو مؤلف أو مخرج أو ممثل فى كل المجالات سالفة الذكر، لـ درجة إنه فيه ناس ما كنتش أتصور إنه سمع اسمهم، تلاقى عنده داتا كاملة عن حياتهم وإنتاجهم وظهروا إمتى واختفوا ليه.
طيب يمكن مشغول بـ الإبداع فى أى صورة؟ لأ برضه، لـ إنه عنده خبرة بـ التاريخ الإسلامى، والأفكار والمذاهب مش طبيعية، اللى هو ممكن تتكلم معاه ساعات فى هذا الملف، فـ تلاقيه مطلع عليه بـ كافة جوانبه، وداخل فى أدق تفاصيله.
كل اللى قلناه مش كل حاجة عند آدم، لكن الأهم من كل هذا هو إنه لا يستغل أى شىء من كل هذا لـ الظهور بـ مظهر المثقف رفيع المستوى، ولا الموسوعى ولا الأكاديمى، ودايما يديك إحساس إنه هو دا العادى والطبيعى فى أى إنسان متعلم، مع إنه مش طبيعى ولا حاجة.
آدم بـ النسبة لى هو واحد من أهم الطاقات اللى البلد ما عرفتش تستفيد منها، ودا موضوع يطول الكلام فيه، بس إجمالًا: هو مين قال يا إخوانا إنه الاستفادة من الطاقات مسئولية أصحابها؟ اللى عنده طاقة ومعرفة وقدرة على الإنتاج طبيعى يكون استهلك نفسه فى تحصيلها، هو مش هـ يشتغل بنَّا ومناول، هو عمل اللى عليه، المفروض المجتمع كمان يعمل اللى عليه، لـ إنه المجتمع هو اللى محتاج مش صاحب الطاقة.