المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

الدين لله

حرف

شعار قديم جميل عميق وبسيط، صالح لكل زمان ومكان مصرى وربما بتنا فى حاجة إليه الآن، أكثر من أى وقت مضى.

فسلوك العديد من الناس، وما ينشر فى كثير من صفحات التواصل الاجتماعى، يعبر عن عنف وتميز وكراهية غريبة يقف وراءها الاختلاف الدينى.

تجليات ذلك عديدة، والأمثلة لا حصر لها والتصنيف والفرز الدينى يبدأ من تحية بسيطة متكررة لكنها تختلف إذا كانت صباح الخير، أو السلام عليكم.

نشأ شعار «الدين لله والوطن للجميع»، وانبثق من أتون ثورة ١٩١٩ العظيمة، حيث توحد أبناء مصر جميعًا بصرف النظر عن انتمائهم الدينى لمواجهة المستعمر الإنجليزى، والأدبيات التاريخية للثورة، وتشهد على مدى التفانى والتكاتف بين أبناء مصر جميعًا ضد المحتل البغيض، بصرف النظر عن انتمائهم الدينى، ووضعهم الاجتماعى الطبقى.

هذا الشعار، يجب تفعيله مرة أخرى، فهو ليس شعارًا وقتيًا كان مرهونًا بظروف ثورة ١٩١٩، ولا هو شعار انتهى مفعوله بالتقادم، وهو ليس شعار مناسبات، لكنه وفى العمق، شعار بالغ الأهمية ويجب تفعيله دومًا، إذ إنه دال على مفهوم الدين، وعلاقته بمفهوم المواطنة، وهو شعار ضد العنصرية، وضد التمييز على أساس دينى، وهذا ما يؤكده الدستور المصرى صراحة فى بنوده المحددة، ثم إن هذا الشعار يوفر الكثير من أشكال النفاق الاجتماعى التى يقوم بها البعض كلما برزت مشكلة أو فتنة طائفية، وهو شعار ثقافى بامتياز، لأنه يعبر عن اتساع أفق وموضوعية واجبة عند النظر لأبناء الوطن الواحد، كما أنه راقٍ ومتحضر ومعبر عن تسامح إنسانى ضرورى ولازم لكل سلام اجتماعى منشود.

تحتاج مؤسساتنا التعليمية إلى هذا الشعار لتكريسه فى أذهان التلاميذ والطلاب، لتجذير مفهوم المواطنة لديهم، ولماذا لا يكتب بخطوط كبيرة عريضة على جدران المدارس وفى مداخلها بدلا من اختراع: مدرستى نظيفة جميلة متطورة، وهو كلام أجوف وكذب فى كذب؟.

ولماذا لا يكتب هذا الشعار العظيم فى بداية الكتب وعلى أغلفة الكراريس؟. ثم لماذا لا يكون بلافتات واضحة ضخمة بمداخل الجامعات والمعاهد؟.. لماذا لا نسعى لتكريسه فى الإعلام، ولماذا لا نذكر الناس ونؤكد لهم من خلال «الدين لله والوطن للجميع»، أن مصر كانت دائمًا راقية متسامحة متحضرة؟.