السبت 04 يناير 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مهرجان يليق بموقع فريد

رأس البر
رأس البر

لا يختلف اثنان فى أن رأس البر مدينة فريدة تتميز عن كل المواقع السياحية البحرية فى مصر، بميزة وقوعها عند عناق النيل العظيم بالبحر المتوسط، وبفضل شطارة ونباهة أبنائها، فقد نجت المدينة من العشوائية والفهلوة فى البناء، وهو ما طال مدنًا بحرية أخرى كالإسكندرية وبورسعيد ومرسى مطروح، وهو ما شوه وقبح هذه المواقع البحرية التى كانت فى الأصل جميلة البناء، فأهالى رأس البر بنوا مدينتهم وفق نسق وطراز معمارى راقٍ وجميل، حيث الأبنية متقاربة الارتفاع، وأسطحتها مسقفة بالقرميد الأحمر، وهو طراز معمارى عربى أصيل عُرف فى الأندلس وانتقل إلى أوروبا، ولذلك فهو منتشر فى المغرب وإن جاء القرميد باللون الأخضر.

صارت رأس البر مقصدًا سياحيًا مهمًا سواء على مستوى السياحة الداخلية، حيث يطلبها سكان شرق الدلتا فى الصيف، أو على مستوى السياحة الخارجية، فبالإضافة إلى فنادقها العديدة، بنى الألمان فندقًا ضخمًا فى أجمل موقع بالمدينة عند اللسان، وقد قابلت بعض السياح اليونانيين فى عز الحر خلال شهر أغسطس الماضى، وقالوا لى إنهم يفضلون الصيف فى رأس البر بدلًا من الجزر اليونانية، فهى أجمل كثيرًا منها، ورغم كل الجمال الذى تمتلكه رأس البر كموقع سياحى وبحر جميل، إلا أن ليل رأس البر يخلو من متعة راقية، وطرائق حياة تجتذب الناس الذين يروحون ويجيئون على الممشى عند اللسان، أو يذهبون لشراء الملابس من باعة الأرصفة ووسائل اللهو والترفيه اللازمة لرواد المصيف عند المساء، هى بدائية فى مجملها، وتعتمد على أغانى المهرجانات المنحطة والضجيج المنبعث من المراكب والسفن الصغيرة التى تروح وتجىء فى النيل هنا وهناك.

تحتاج رأس البر إلى مهرجان فنى موسيقى كبير أشبه بمهرجان القلعة فى القاهرة، والكلام موجه هنا إلى وزارة الثقافة ووزيرها المتحمس لفعل ثقافى جديد ومؤثر، وهذا المهرجان يمكن أن يكون بالموقع المتسع الجميل عند اللسان، ولسوف ينعش المدينة ويرتقى بمستوى الآلاف الذين يأتون إليها من الريف والأقاليم للاصطياف، ولسوف يعمل على تنشيط السياحة فى تلك المدينة رائعة الجمال.

ليت المهرجان لا يكون استنساخًا من مهرجان القلعة، ولكن يجب تطعيمه بأفكار جديدة تلائم المدينة وطبيعة الاصطياف بها.

بعض الفرق الموسيقية والمطربين، سوق للحرف اليدوية، مهرجان للهواة فى الفنون الموسيقية وغيرها، معارض للفن التشكيلى... إلخ.

وزارة الثقافة ستتذرع بالميزانية، والعين بصيرة واليد قصيرة، وهناك تقوم به الثقافة الجماهيرية، وليس فى الإمكان أبدع مما كان. 

لا تحتاج رأس البر مهرجانًا على طريقة مهرجان العلمين، لا تحتاج عمرو دياب وأمثاله من مطربى الذوق النفطى، لكنها تحتاج إلى جرعات من الفن العميق الذى يتنفس الجمال ويشعه، والثقافة الجماهيرية تدار عادة بموظفين خاملين محدودى الأفق، بلا خيال وقدرة على ابتداع كل ما هو راقٍ وسامٍ.

أقول قولى هذا وأتمنى أن يكون هناك من يسمع ومن يتأمل ومن يجيب.