الأربعاء 25 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

متحف السينما

متحف السينما
متحف السينما

يعرف مؤرخو السينما فى العالم أن السينما المصرية جاءت قبل هوليوود وبوليوود، فبعد عرض الإخوة لومير فى باريس سنة ١٩٠٣، تم عرض مشاهد سينمائية مصورة فى الإسكندرية وفى مقهى الكلوب الحسينى بالقاهرة، والجميع يعرف عزيزة أمير وفيلمها «ليلى بنت الصحراء» سنة ١٩٢٧، وأفلام الأخوين بدر وإبراهيم لاما الفلسطينيين، وفيلم توجو مزراحى المعنون «برسوم يبحث عن وظيفة»، وكل ذلك التاريخ الممتد للسينما المصرية.

كلام طويل عريض وكثير يمكن أن يُقال عن السينما المصرية، ويمكن العثور عليه فى بطون عشرات الكتب الخاصة بذلك الفن السابع الذى عرفته مصر، وترسخ بها منذ عشرات السنين منذ بدايات القرن العشرين، وشكلت من خلاله صناعة راسخة عمل بها الآلاف منذ أن أنشأ طلعت حرب استديو مصر، وراكمت بها ما لم يراكمه بلد فى الشرق الأوسط من إنتاج سينمائى، ورغم ذلك، ورغم مهرجان القاهرة السينمائى، إلا أن كنوز مصر السينمائية تضيع وتتبعثر وتندثر، لأن مصر وبكل أسف ليس بها متحف للسينما.

عرفت من صديقة باحثة تعيش فى مدينة درسدن الألمانية أن إسرائيل قامت بعمل معرض فى المدينة لرسومات أفلام المصرى أفندى الكاريكاتورية باعتبار أن مصممها يهودى ونسبت أعماله لها علمًا بأنه مصرى قلبًا وقالبًا.

تحتاج مصر وبشدة إلى متحف قومى للسينما يستعرض تاريخها الطويل الممتد ويفصح عن أسرار صناعتها وما قدمه محمد بيومى من آلات اخترعها، كما أفصح عنها المخرج الراحل محمد كامل القليوبى فى فيلمه الخاص عن بيومى، كما يستبين من ذلك المتحف كل ما عكسته هذه السينما من جوانب الحياة المصرية على شاشتها، وما أرّخت به اجتماعيًا لعوالم جميع الطبقات فى الريف والمدينة خلال فترات تاريخية متباينة منذ بدايتها وحتى الآن.

فأفلام السينما المصرية بعوالمها وشخصياتها كانت تأريخًا لتفاصيل الحياة المصرية، بما فى ذلك اللغة ذاتها، فلغة أفلام الأربعينيات من القرن الماضى تختلف عن لغة أفلام الثمانينيات والتسعينيات من ذات القرن.

تحتاج مصر متحفًا يضم كل ما يتعلق بالسينما المصرية، الأفلام، الآلات، الملابس الديكور.. إلخ. متحفًا يضم كل شاردة وواردة تتعلق بذلك الفن الذى لم يؤثر فن قبله ولا بعده فى حياة الناس سواء فى الريف أو المدن.

فى إيطاليا وفى مدينة تورينو هناك متحف كبير مكون من عدة طوابق خاص بالسينما الإيطالية، يحتاج الزائر إلى عدة أيام، حتى يستطيع مشاهدة كل ما به من معروضات، وقد كان هذا المبنى فى الأصل معبدًا يهوديًا «سيناجون» أراد أصحابه أن يكون أعلى مبنى فى المدينة، لكن بلدية تورينو رفضت ذلك وحولته إلى متحف للسينما الإيطالية.

السينما المصرية تحتاج متحفًا، يكون مبنى ضخمًا كبيرًا ليقدم كل ما تراكم من تاريخها الممتد وهو كثير.. كثير. ولماذا لا يكون هذا المبنى فى العاصمة الإدارية الجديدة ذات المساحات المتسعة؟ ولعله يكون مَعلمًا حقيقيًا من معالمها.

أرشيف السينما المصرية يُسرق ويُباع لكل من هب ودب ودفع ويريد صناعة تاريخ وعلينا الانتباه، فالسينما المصرية جزء من تاريخ مصر المعاصر.