الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

عصام السيد: المناصب عطّلت مسيرتى المسرحية وكنت أتمنى لقاء نجيب الريحانى (2)

عصام السيد
عصام السيد

خلال مسيرتى تلقيت الشتائم من الإخوان والوفديين والماركسيين والناصريين

فى الجزء الأول من حوار المخرج عصام السيد، العدد الماضى، قال إنه ليس صاحب أسلوب محدد فى الإخراج، وهذه حقيقة تؤكدها أعماله المسرحية التى قاربت الستين عرضًا، ومن يتأمل عناوينها وجهات الإنتاج سيعرف أنه تجول عبر مشواره المسرحى الذى بدأ نهاية السبعينيات فى الجامعة ومطلع الثمانينيات مع المحترفين بين العديد من الاتجاهات والمدارس المسرحية، فقد مارس الإخراج المسرحى فى مسرح القطاع الخاص، ومسرح الدولة بكل أنواعه، البيت الفنى للمسرح، ومسرح التليفزيون، والثقافة الجماهيرية، ولم يحبس نفسه فى قالب أو اتجاه أو انحاز لكاتب محدد، ورغم أنه قدم ثمانية نصوص للراحل لينين الرملى، حقق أولها «أهلًا يا بكوات» نجاحًا غير مسبوق، إلا أنه تنقل بين العديد من الكتاب من مشارب واتجاهات مختلفة، فقد جمع بين ألفريد فرج وسعدالله ونوس ونعمان عاشور إلى جانب كتاب المسرح التجارى، وفى كل الأحوال يمتلك رؤية وأدوات تجعله يستطيع التعامل مع هذه النصوص المتباينة. فى هذا الحوار الذى لم تنقصه الصراحة أشار عصام السيد إلى أمراض عديدة يعانى منها المسرحيون، ومنها أن كل من تولى منصبًا قام بالإخراج حتى لو لم يكن مخرجًا! 

■ عصام السيد مدير المسرح الكوميدى، المسئول عن مسرح التليفزيون، مدير عام المسرح فى الثقافة الجماهيرية، رئيس قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، منسق عام المهرجان التجريبى.. هل أضافت إليك هذه المناصب كمخرج مسرحى أم كانت حجر عثرة فى مشوارك الفنى؟ 

- فى الحقيقة إننى أعلنت منذ اللحظة الأولى لتولى أول منصب لى وهو مدير عام المسرح الكوميدى أننى لن أقوم بالإخراج فى المكان الذى أتولى فيه المسئولية، و هذا ما فعلته فى مسرح التليفزيون وفى قطاع الفنون الشعبية أيضًا، وعندما كلفت بعمل افتتاح لأحد مهرجانات الثقافة الجماهيرية تنازلت عن أجرى، وكذلك فى افتتاح إحدى دورات المهرجان التجريبى. والسبب معروف ومعلن من قبل؛ وهو أننا جيل تأخر كثيرًا بسبب أن كل من تولى منصبًا قام بالإخراج- حتى ولم يكن مخرجًا بالأساس- واستولى لنفسه على كل الإمكانات وأعطى لغيره الفتات، سواء كان موهوبًا أو غير موهوب، ولا يستثنى من هذا سوى قلائل كالأستاذ محمود الحدينى والأستاذ محمود الألفى، لكن الغالبية العظمى تصرفت بنفس الطريقة.

وأقول لك: المناصب عطّلت مسيرتى كمخرج؛ لأنها استنفدت كثيرًا من وقتى، إلا أننى لست نادمًا عليها ففى كل مكان من هذه الأماكن صنعت شيئًا مختلفًا، يكفينى فخرًا أننى حولت المسرح الكوميدى إلى مركز ثقافى يصدر الكتب ويقيم الندوات والمعارض والأمسيات ويصدر مطبوعات نادرة لم يصدرها غيرنا، وفى نفس الوقت توالت عروض لكل الأجيال والاتجاهات، وعملت فرقة المسرح الكوميدى لأول مرة فى حياتها بثلاث شعب، ولأول مرة أيضًا مثلت مصر فى مهرجانات عالمية، ولأول مرة تقدم عروضًا تستمر لسنوات. 

وفى الثقافة الجماهيرية ما زلت أفخر بإنشاء مشروعين، هما: المراكز المتخصصة والمناطق الحدودية، ونشر ورش التدريب فى مواقع كثيرة حتى وصلت إلى ١١ دورة تدريبية فى عام واحد، كما أفخر بفوز مسرح الأقاليم بعدة جوائز فى المهرجان القومى للمسرح للمرة الأولى. وأود هنا أن أؤكد أن نجاحى فى أى إدارة يرجع للمسئول الأعلى الذى أعطانى الثقة ووفر لى الإمكانات، ففى المسرح الكوميدى كان إيمان الأستاذ سامى خشبة بما أفعله ومساندته هما العاملين الحاسمين فى تحقيق النجاح، كذلك الدكتور أحمد مجاهد فى فترة توليه الثقافة الجماهيرية، ومن قبل الأستاذان حسن حامد وفرج أبوالفرج فى مسرح التليفزيون، ومؤخرًا الدكتور سامح مهران فى المهرجان التجريبى. 

وأعتقد أن إدارتى الأماكن تحتاج إلى وقفة طويلة لمعرفة المتغيرات التى أحدثتها فى كل مكان توليته. 

■ أعرف جيدًا أنا وغيرى ما قدمته كمسئول عن قطاعات مسرحية متعددة، وكنت شاهدًا على جزء من التجربة فى مسرح التليفزيون، وأيضًا فى الثقافة الجماهيرية، وشاركت معك فى تجربة ما زلت أعتز بها، وهى المراكز المتخصصة فى ثلاث محافظات: المنيا والفيوم وبورسعيد، وأيضًا كنت تعمل وفق قواعد ومعايير أصبحت غائبة!.. والسؤال: لماذا لا تضع المؤسسة الثقافية قواعد ومعايير يعمل المسئولون من خلالها، على سبيل المثال لا يقوم مدير مسرح ما بالإخراج فى نفس المسرح وقد تكرر هذا فى السنوات السابقة؟ 

- حقيقة لا أدرى سببًا لهذا! عندما رشحنى الأستاذ سامى خشبة لتولى مسئولية المسرح الكوميدى طالبنى بخطة، وبالتالى التزمت بها بعد التعيين، وعندما توليت مسرح التليفزيون حدث مع الأستاذين فرج أبوالفرج وحسن حامد نفس الأمر، حتى عندما اعترض أحد الأساتذة الفنانين للأستاذ حسن حامد على اختيارى سأله عن أسبابه، وعندما أبلغه بها، أجاب عليه من واقع مشروعى الذى قدمته، وفى الثقافة الجماهيرية حدد الدكتور أحمد مجاهد خطوطًا عريضة لما يريده من إدارة المسرح وترك لى التفاصيل، فوضعت خطة وساندنى بكل قوة لتنفيذها، وما زالت نسخ من تلك الخطط لدىّ، وربما نشرتها ذات يوم. فمن المفترض أن لكل مسئول تصورًا عامًا وأهدافًا معلنة داخل إطار رؤية كلية لوزارة الثقافة ينفذها المسئول وتتم محاسبته على مدى نجاحه فى التنفيذ.

■ مع الإخراج المسرحى، مارست النقد والكتابة حول المسرح، والإعداد، والتدريب، هل استفدت كمخرج من هذا الانفتاح على عالم المسرح؟، وهل من الضروى للمخرج أن يمارس العناصر الأخرى للعملية المسرحية أو بعضها؟

- لكل مخرج ظروفه الخاصة ومواهبه التى تتيح له العمل فى أوجه متعددة من النشاط المسرحى، ربما لأننى تملكتنى منذ الصغر محبة الكتابة، وحاولت فى سن مبكرة أن أكون صحفيًا وكتبت فى مجلة «صباح الخير» وعمرى ١٦ عامًا ما جعلنى أتجه إلى الكتابة أحيانًا، ولكنى أكتب فقط عما أحب ولا أستطيع الكتابة بشكل محترف لأننى لن أكتب سوى عما أحب. وربما أحد أسباب كتابتى فى النقد أحيانًا أننى أرى تغافلًا من النقاد عن كثير من النقاط المهمة فى بعض العروض التى أحببتها أو فى قضايا مهمة وجدت إحجامًا عن تناولها، فمعظم النقاد للأسف نقاد أدب وليسوا نقاد مسرح: النص هو الأساس فى نقدهم العمل، أو لديهم «مازورة» جاهزة لتقييم الأعمال ونسوا أن القاعدة الأولى للنقد الموضوعى أن كل عمل فنى هو كائن حى، قائم برأسه، يستمد قوانينه من داخله، وبالتالى على الناقد أن يكتشف تلك القوانين، لا أن يفرض على العمل قوانينه هو، وكما أن عمل الناقد ليس إصدار حكم بالإجادة أو الإخفاق بل قراءة العمل وتفكيكه، أذكر واقعتين على سبيل المثال:

الأولى: فى بداية حياتى كنت مولعًا بشكل الكباريه السياسى مع خلطه بتقاليد الفرجة الشعبية، ولم أقدم عملًا يتبع القواعد الأرسطية، وكان أستاذنا الكبير فاروق عبدالقادر يشاهد جميع أعمالى ويهنئنى ويسعد بها، لكنه لا يكتب عنى، ولما سألته عن السبب، قال لى: «لما أشوفلك عرض فيه ستارة بتفتح وتقفل». لأنه تصور أن العمل بشكل المشاهد المنفصلة عمل سهل ويمكن لأى فرد النجاح فيه، ولهذا عندما تصديت لإخراج «أهلًا يا بكوات» تعمدت أن أقدمها بصيغة إخراجية تقليدية، أو «زى ما بيقول الكتاب» ولكنى وضعت فيها بعضًا مما أحب.

الثانية: إن نقادًا قلائل- يعدون على أصابع اليد الواحدة- من تنبهوا مثلًا لاستخدامى ستار المسرح بشكل مختلف لم يحدث من قبل بالمسرح المصرى، فالستار عندى جزء من العرض يتم استخدامه لإضافة معنى أو تأكيده وليس مجرد قطعة قماش تشير إلى بداية العرض ونهايته. هكذا كان الأمر فى نهاية الفصل الأول للبكوات وفى نهاية المسرحية، وفى نهاية مسرحية «وداعًا يا بكوات» وفى نهاية «فى بيتنا شبح» وفى القطاع الخاص فى نهاية الفصل الأول من «حلو الكلام». لذا كنت أكتب عن عروض الزملاء لأقرأ ما تغافل النقاد عن قراءته. أذكر أننى كتبت عن نسخة عرض «العسل عسل» للأستاذ سمير العصفورى التى قدمها فى مهرجان قرطاج بتونس، وقلت إن العرض برغم جماله لم يفهمه الجمهور لاختلاف الثقافات، ولكنه غضب منى.! 

أما عن التدريب: برغم أننى مخرج إلا أننى أعلن إعجابى على الفور بأى مخرج أرى فيه موهبة. ولا أتبع المثل «عدوك ابن كارك»، ولذا فلى صداقات مع المخرجين من كل الأجيال، ولهذا كنت صاحب أطول ورشة للإخراج المسرحى وهى التابعة لمركز الإبداع ومستمرة من ٢٠٠٣ وحتى الآن. محاولًا أن أضع فى كل طالب من الورشة مجرد بوصلة يصنعها بطريقته تقوده فى الاختيار، وهى مجرد إرشادات عامة لا تصنع منهم نسخًا منى، وربما كنت فى موضوع التدريب أحاول أن أرد جميل أساتذتى الذين علمونى فى الجيل الجديد. 

■ دعنى أتوقف هنا عند نقطتين، أولًا لأخبرك بأن فاروق عبدالقادر كتب مقالًا مهمًا عن عرض «أهلًا يا بكوات» أثنى فيه على الكاتب والمخرج فى جريدة «السفير» اللبنانية، حين تم تقديم العرض للمرة الأولى عام ١٩٨٩، وظنى أنه المقال الوحيد الذى كتبه عن لينين الرملى.. والنقطة الثانية لسؤالك عن المخرج المسرحى سمير العصفورى ودوره من أبناء جيلك وكيف كانت النهضة التى شهدها مسرح الطليعة أثناء إدارته هذا المسرح لها تأثير على هذا الجيل؟

- دعنى أصارحك بحقيقة يعلمها كل أبناء جيلى، الأستاذ سمير العصفورى من أهم المخرجين فى تاريخ المسرح المصرى، له علامات بارزة و بصمات لا يمكن إنكارها، كلنا تعلمنا منه وتأثرنا به سواء قصدنا أم لم نقصد، ولكنه على الجانب الآخر كان من أسوأ المديرين، فلقد جمعنا حوله لمدة عامين من ١٩٨٤ إلى ١٩٨٦ وطلب منّا تكوين مجموعة تضخ دماء جديدة فى مسرح الطليعة «محسن حلمى- ناصر عبدالمنعم- أحمد مختار- أحمد كمال- أحمد عبدالعزيز- أحمد هانى- على خليفة- سيد خاطر- وأنا»، وبالفعل قدمنا مشروعات رُفضت كلها، ولم نقدم أى عروض داخل مسرح الطليعة طوال تلك الفترة وحتى المهرجان التجريبى الأول فى ١٩٨٨، باستثناء عرض وحيد طلب أن نتشارك فيه جميعًا لتأبين الكاتب الكبير نعمان عاشور بعد وفاته، فقام ناصر عبدالمنعم بكتابة الإعداد وقمت أنا بالإخراج وقام محسن حلمى بالتمثيل فى العرض الذى أسميناه «الناس اللى دوغرى»، والحقيقة أنه لظروف خاصة بعلاقة الأستاذ سمير بالراحل نعمان عاشور لما تم تقديم هذا العرض أيضًا، ويمكنك الرجوع إلى ما كتبه الأستاذ فاروق عبدالقادر عن هذا العرض.

■ تجربة ديزنى هل أضافت لك كمخرج مسرحى.. وكيف؟ 

- تجربة ديزنى أفادتنى كثيرًا على مستوى تقنيات الصوت، فهى تشبه إلى حد كبير الإخراج الإذاعى، وتجعل الممارس لها ينتبه لأهمية «الصوتيات» فى العمل وكيفية استخدامها على نحو أمثل، والصوتيات هنا تشمل صوت الممثل وشريط الصوت وكل ما هو داخل تحت بند المؤثرات الصوتية، ولعل أوضح مثال على ذلك جاء فى مسرحية «فى بيتنا شبح»، حيث بدأت الموسيقى التصويرية أثناء دخول الجمهور إلى صالة المسرح واستمرت إلى مابعد فتح الستار. 

■ عصام السيد ولد ١٩٥٢ وتفتح وعيه مع ثورة يوليو والحقبة الناصرية، وبدأت العمل كمخرج مسرحى فى ذروة تراجع الحلم، وبداية عصر الانفتاح الاقتصادى، واعتماد قيم جديدة أو قُل دخيلة على مفردات الحياة فى مصر، ومنها الثقافة دون شك، وتوالت الأحداث.. كيف عشت بهذا التناقض؟

- هذا التناقض ظهر بوضوح فى أعمالى المسرحية، أو لنقل عبّرت عنه فى كثير من أعمالى، كنتيجة للتأثير على ثقافتى وبالتالى معتقداتى الفكرية، أذكر على سبيل المثال عرض «عجبى» على المسرح القومى ١٩٨٦، العرض كان عن صلاح جاهين، ولكن كان البطل المشارك فيه دون أن يظهر هو عبدالناصر، فصلاح جاهين ارتبط بثورة يوليو وعبّر عنها وتحمس لها بل وساهم فى نشر مبادئها، وبرغم أننى ناصرى الهوى إلا أننى فى العرض نقدت التجربة الناصرية، فتلقيت الشتائم من الإخوان والوفديين والماركسيين والناصريين، ولكن نجاح العرض فنيًا وجماهيريًا كان أكبر من الشتائم الأيديولوجية. وطوال الوقت حافظت على معتقداتى برغم تقلب الظروف. 

■ هل بالفعل انفصل المسرح عن الجمهور أى لم يعد للمسرح مكانة فى الشارع كما كان من قبل؟، وهل هى أزمة مسرح أم أزمة مجتمع أم كلاهما؟ وكيف ترى ملامح الأزمة فى الحالتين؟

- من وجهة نظرى لا توجد أزمة مسرح، أو لنقل بالتحديد إن الأزمة ليست فى المسرح، الأزمة فى المجتمع: فالمسرح كسائر الفنون تعبير عن المجتمع فى كل أحواله، فعلى سبيل المثال عندما ظهر الانفتاح الاقتصادى وامتلأت مصر بالسياحة العربية كانت النتيجة ١٦ فرقة قطاع خاص، وحاليًا مع اختفاء السياحة لا يوجد قطاع خاص تقريبًا. إذن حركة الاقتصاد مؤثر مهم فى ظهور أشكال تعبير مختلفة، بعد الثورة انتشرت العروض المرتجلة مثلًا، وكانت تعبيرًا عن أن الشباب يفتقر للنصوص التى تعبّر عنه. اليوم لديك منصات كثيرة للتعبير غير المسرح، مثل اليوتيوب والشبكات الخاصة، وهو ما جعل المسرح فى ذيل اهتمام الشباب، بالإضافة إلى أنه فى الستينيات كانت هناك إرادة سياسية حقيقية لانتشار الثقافة واعتبارها من أهم ما يحقق أهداف الثورة، اليوم تعتبر الثقافة- وليس الإعلام- فى ذيل الاهتمام. 

■ أوافقك أن الأزمة أزمة مجتمع بشكل عام.. ولكن دعنى أسألك هل يؤدى مسرح الدولة دوره المنوط به؟ وهل تعمل المسارح وفقًا لخطة واستراتيجية؟، وهل تعمل المسارح وفقًا لهويتها، مثل الطليعة والقومى والشباب والكوميدى وقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية وغيرها، لأننى لاحظت فى الفترة السابقة أن العروض متشابهة، بل ويمكن تقديم أى عرض فى أى مسرح، إلا قليلًا، فما رأيك؟ 

- مسرح الدولة لا يؤدى الدور المنوط به، ولكن دعنى أسألك أولًا ما هو الدور المنوط به؟ هل هو نفس الدور الذى صاحب إنشاءه؟ أم تغير الدور مع تغير توجه الدولة فى عصر السادات؟ وماذا عن عصر حسنى مبارك؟ ما هى الخطة الاستراتيجية للدولة- وليس المسرح- حتى نحدد الدور المنوط بالمسرح؟ والسؤال الواجب طرحه الآن: ما هو الدور المنوط بالدولة تجاه المسرح؟ ماذا تريد منه؟ وهل أعطته الإمكانات والقدرات لتأدية هذا الدور؟ 

أما هويات المسارح فتلك قضية أخرى فيها التباس كبير، لأن هذه الهويات مختلطة، بعضها مقسّم على أساس زمنى «القومى- الحديث- الطليعة»، كل واحد منها من المفترض أن يتعامل مع حقبة زمنية معينة فى نصوصه، أما الكوميدى والطليعة فيتعاملان مع نوعية نصوص، وليس هناك فروق واضحة بين «الطليعة- الشباب- الهناجر- الغد» وأصارحك القول إن «الكوميدى فرانسيز» يتناول كل النوعيات بلا حساسية، ولكن من يتصدى لتقديم نص على خشبته لا بد أن يكون قد مر عليه ربع قرن فى ممارسة الكتابة، ولكنهم كسروا تلك القاعدة من أجل تقديم نص لفرنسوا ساجان. مثلًا عندما قدم محسن حلمى «ليلة من ألف ليلة» على المسرح القومى، من بطولة يحيى الفخرانى، تساءل البعض: أليس الأجدر بها مسرح البالون؟ وفات هؤلاء أن العرض من ريبرتوار المسرح القومى!

■ هل تتذكر أول عرض مسرحى متكامل كمخرج محترف، ومن قبل أول عرض كهاوٍ؟

- أول عرض لى كمحترف- عدا عروض الجامعات- كان عرضًا للتليفزيون اسمه «درويش يتألق فرحًا» من إنتاج وبطولة جورج سيدهم. وهكذا فأنا بدأت فى القطاع الخاص قبل العام، وبعدها بسنوات مليئة بالعروض الخاصة قدمت أول عرض كمحترف بالقطاع العام كان «درب عسكر» بالمسرح المتجول عام ١٩٨٤، أما أول عرض كهاوٍ فكان «سبرتو على جروح بلدنا» تأليف محمود الطوخى وأحمد بدير، وقدمته فى كلية التربية جامعة عين شمس، وأنا طالب بها، فى مسابقة طلابية تسمى «الاكتفاء الذاتى». 

■ الشخصيات المسرحية الأكثر تأثيرًا فى أسلوبك فى الإخراج أو فى تكوينك المسرحى بشكل عام، أظن منهم حسن عبدالسلام، هل هناك آخرون؟ 

- لقد تأثرت بكثيرين نتاج لحبى أعمالهم، مثل الأستاذ كرم مطاوع، فهو من أكثر المخرجين إبداعًا على مستوى الصورة، وأنا أيضًا مهتم بالصورة وأنها تضيف للعمل وليست مجرد إطار، لكن أستاذى المباشر وأبى على المستوى الفنى والإنسانى هو حسن عبدالسلام. هذا لا يمنع أن هناك كثيرين مدّوا لى يد العون طوال حياتى ولولاهم لما كنت أنا، إنهم ليسوا أساتذتى بشكل مباشر، ولكنهم أصحاب فضل كبير على مسيرتى وسبب فى نجاحى: الفنان الكبير جورج سيدهم، الكاتب الكبير لينين الرملى، الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، الفنان الكبير محمود ياسين، الكاتب الصحفى الكبير سامى خشبة، المؤلف الكبير عبدالرحمن شوقى.

■ هل كنت تتمنى أن تعمل مع شخصية مسرحية لم تعاصرها، مثلًا نجيب الريحانى، يوسف وهبى، عزيز عيد، أو آخرين؟، ولماذا؟ 

- كنت بالطبع أتمنى أن أحضر بروفات لنجيب الريحانى أو عزيز عيد لأراهما وأتعلم منهما وهما يعملان، لكنى لا أجرؤ على طلب العمل معهما.