الخميس 19 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

حسام السكرى.. شخصية تستوعب الاختلاف

حسام السكرى
حسام السكرى

عادة، لما بـ تظهر حاجة جديدة، كبار السن بـ يرتبكوا قدامها، لا أعنى بـ كبار السن العواجيز، لكن كل من تجاوز التلاتين يجد صعوبة فى هضم المستحدثات، والعمل وفق شروطها وأبجدياتها، ودى حاجة لاحظتها فى كل المجالات من أول صالح عبدالحى وعدم استيعابه لـ تيارات الموسيقى المتفاعلة مع «والمستفيدة من» المزيكا الغربى لـ حد ما يعانيه الكبار حاليًا فى مواجهة الذكاء الاصطناعى.

علشان كدا بـ يلفت انتباهى جدًا لما أقابل شخصية منفتحة وقادرة على دخول عالم لم تكن تعرفه، ودخول هذا العالم سريعًا، والاشتباك معه دون تعقيدات، ودى أول حاجة خلتنى آخد بالى من حسام السكرى الإعلامى والمذيع المعروف اللى عنده تاريخ جيد فى وسائل إعلام كبيرة أهمها البى بى سى.

الناس اللى زى حالاتى اتولدوا فى السبعينيات وما قبلها ما اتربوش أساسًا على التعامل مع الإلكترونيات، أى إلكترونيات بـ ما فى ذلك الموبايل مش الموبايل الذكى، إحنا أولاد الورقة والقلم، لما انتشر الكمبيوتر مش هـ أقولك الإنترنت كنا داخلين ع التلاتين، أما مواقع التواصل الاجتماعى فـ إحنا ما عاصرناهاش أصلًا وإحنا فى مراحل التعلم.

دا مش معناه إنه تجاوزنا الزمن بـ الضرورة، إنما دى صعوبة جمة بـ تواجهنا، وكل واحد بـ يحاول التغلب على دا بـ طريقته، وكلنا بـ ننجح بـ درجات، ونخفق بـ درجات، لكن السمة الغالبة إنه حتى اللى بـ ينجح فى مواجهة بـ يبقى متكئ بـ صورة أو بـ أخرى على شباب اتربوا فى ظل الفضاء السيبرانى، وبـ تبقى مهمته الحفاظ على مكانه رغم هذا الاعتماد على آخرين.

السكرى من النماذج اللى تحس إنها ما واجهتش المشكلة أساسًا، عرفته قبل ١٢ سنة، وهو اللى بـ يدفعنا ناحية العالم المنتشر حديثًا، ويكلمنا عن آليات الاستفادة منه، مع عدم الاستغراق فى الانبهار بيه، يعنى إحنا نهضمه مش هو يبلعنا، وكان فيه طول الوقت محاولات عصامية ناجحة هو قادها مش استجاب ليها، يمكن أهمها تجربة صالون السكرى شديدة الثراء فى تقديرى.

الانفتاح دا بـ يستلزم إنه يكون عندك شخصية منفتحة بـ وجه عام، شخصية تستوعب الاختلاف، وتستوعب الاختلاف دى غير إنها تقبله، لـ إنه الانفتاح حاجة والتسامح حاجة تانية خالص، الانفتاح معناه إنك قادر تفهم منطق الشخص اللى قدامك، التسامح لا يشترط دا، لـ ذلك، النتيجة مختلفة فى الحالتين.

المدهش أكتر بـ النسبة لى هو إنه انفتاح السكرى بقى هو فى حد ذاته الموضوع المهم فى تجربته، هو ما بقاش مشغول بـ انحيازات معينة ومحاولة تسييدها وتسويقها والاصطفاف من أجلها مع آخرين، إنما تقديم نموذج طوال الوقت لـ إدارة المختلفين فى الانحيازات، واختبار شروط الموضوعية عمليًا، ودى حاجة تبدو سهلة، لكن خلينى أقول لك إنها ليست كذلك، لـ إنه فيه ناس كتير تعتبر الموضوعية انحيازًا وترويجًا خفيًا لـ أجندات لا يمكنها الظهور علنًا.

مثلًا مثلًا يعنى، لو إنت قبلت وجود من يؤيد تعديل حصص المواريث المعروفة، واديت له مساحة يعبر فيها عن انحيازه وأفكاره ويطرح منطقه، هـ تلاقى ناس كتير بـ تعتبرك مروج لـ الفكرة، ومش هـ تقتنع بـ إنك مش بـ الضرورة متفق معاه، وإنه ممكن يكون عندك وجهة ثالثة فى القضية.

بـ اختصار، الموضوعية محتاجة حس إنسانى عالى، ودا مش كتير بـ ألاقيه متوفر، وفى حدود ما اختبرته من حسام السكرى فـ هو أحد هؤلاء القلائل اللى بحب أتتبع تجربته، وأحب جدًا أكون جزء منها، ولو إنه دا غالبًا مش متاح.