هيثم الحاج على.. المرونة والصرامة
عرفت الدكتور هيثم الحاج على أثناء فترة توليه الهيئة العامة لـ الكتاب، وقت ما كان لى الشرف إن الهيئة تطبع لى كتاب «الدورى المصرى» بـ دعوة لطيفة منه، وأثناء التحضير لـ الكتاب تقاطعت إلى حد كبير مع طريقة شغله، وشخصيته، وهو من اللى يطمنوك إنه الدنيا فيها ناس تسعد وتفيد.
أكتر حاجة لفتت انتباهى فى تجربتى معاه هو إنه مرن لـ أبعد حد، صارم لـ أبعد حد، ودى حاجة الصراحة أنا ما أعرفش إزاى الناس اللى بـ يتمتعوا بـ الصفتين سوا بـ يقدروا يعملوا كدا؛ المرونة مطلوبة «خصوصًا من المسئول» لـ إنها طريق الإبداع والتفكير بره الصندوق «بـ جد» والتجريب والبحث فى مناطق غير مأهولة. لكن الصرامة كمان مطلوبة لـ مواجهة احتمالية تسرب الفوضى أو الفساد أو الاتنين من شقوق المرونة.
رغم إنى مش عارف، لكن أقدر أستنتج إنه الجمع دا نتيجة امتلاك المنهجية، كونه أستاذ لـ النقد الأدبى، وفى النقد «والكتابة عمومًا» هو له باع كبير، وإنتاج وفير، لا يستنكف أحيانًا إنه ياخد شكل جماهيرى، إنما ما يهمنى هنا هو امتلاك المنهج، اللى هو فى تقديرى أول درجات الانضباط، الانضباط حتى وإنت مرن.
دايمًا بـ أقول إن التفكير بره الصندوق يستلزم أولًا إنك تبقى عارف الصندوق فيه إيه، وعارف جواه من براه، وشايفه أساسًا هو فين، بـ التالى تبقى عارف إنت بـ تدور على إيه، ودا كان أول حاجة فى تجربتى معاه، وهو قبوله كتاب تصدره الهيئة العامة الرسمية لـ الكتاب عن كرة القدم مكتوب بـ اللغة المصرية.
لما أبديت اندهاشى من هذا القبول، اتضح لى إنه محيط بـ الموضوع من كافة جوانبه، وفاهم إنه دا وإن كان يبدو ظاهريًا أمر لا يليق بـ الجهة الرسمية الأولى لـ الكتاب فى مصر، إنما التجربة دى تحديدًا تمثل إضافة علشان واحد، اتنين، تلاتة، علشان كدا خضنا نقاشات عديدة فى ضوابط التجربة اللى لازم تحصل بـ صرامة، رغم إنه زى ما حضرتك شايف الموضوع قائم على مرونة أقرب لـ الشطحة.
لـ الأسف، أنا مش فى حل لـ ذكر مواقف عديدة ما تخصنيش، لكنى حضرتها، وفى كل مرة كان يتأكد لى إنه هذا الجمع بين الصفتين «المرونة والصرامة» هو طبع عام، مش خاص بس بـ حدود التعامل معايا، دايمًا يبدأ الكلام بـ ممكن الموضوع يروح لـ حد فين خارج المألوف والاعتيادى، لكننا طول الوقت مشدودين بـ قواعد ناتجة عن هوية ما ينفعش نفقدها.
بـ مناسبة الهوية، اللى يتابع كتابات دكتور هيثم يلاقى الهوية المصرية عمود فقرى لـ هذه الكتابات، من غير يافطة ولا صوت عالى ولا خناقات، ولا انحيازات زاعقة، ولا تشتيت لـ الفكرة، إنما تأكيد الهوية والبحث عن ملامحها وعناصرها وما ومن يمثلها هو هاجس أساس، والواحد بـ يعجبه إنه الكاتب يكون هاجس، فضلًا عن هاجس قيم كـ هذا.
الهاجس دا ما كانش بس كـ كاتب لكن كـ مسئول يعتبر إلى حد بعيد ناشر، وأفتكر إنه فى سنة من سنين توليه الهيئة، ٢٠٢١ إن لم تخنى الذاكرة، الهيئة وزعت فى معرض الكتاب فقط أكتر من ٧٥ ألف نسخة من إصدارات الهيئة نفسها، ودا فى زمن البى دى إف والكيندل والنشر الإلكترونى وارتفاع تكلفة الطباعة، رقم ضخم جدًا، وقتها اهتميت بـ معرفة نوعية الكتب دى، وما كانش مفاجئ بـ النسبة لى إنها كانت عناوين خاصة بـ الهوية.
مش عارف ليه الدكتور هيثم ساب الهيئة، عادة مش بـ أتابع الأمور الإدارية دى، إنما دى كانت من المرات القليلة اللى أحس إنه: خسارة!