الإثنين 16 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

سيناريو نهاية العالم.. رواية تكشف مراحل «الحرب النووية المحتملة»: «مدمرة لكل الكوكب»

حرف

- كوريا الشمالية تطلق ضربة صاروخية مفاجئة ضد الولايات المتحدة بسبب «شكوك» 

تتصدر رواية «حرب نووية: سيناريو» قوائم الكتب الأكثر مبيعًا خلال العام الجارى، وهى من تأليف الأمريكية آنى جاكوبسن، وتقدم ما يمكن اعتباره تصورًا لكارثة يحتمل حدوثها بشكل كبير، فى ظل السباق الحميم نحو التسلح النووى من عدة دول حول العالم.

ونشرت صحيفة «الجارديان»، البريطانية، مراجعة عن الرواية الأكثر مبيعًا، تترجمها «حرف» فى السطور التالية، خاصة أنها تحذر من خطورة امتلاك من شخص إلى 3 على أقصى تقدير اتخاذ قرار من شأنه تدمير الكوكب! 

ماذا سيحدث؟

فى عام ١٩٨٣، وقتما كانت آنى جاكوبسن طالبة فى المرحلة الثانوية، بثت شبكة تليفزيون «A B C»، الأمريكية، فيلمًا بعنوان «اليوم التالى»، يعرض فظائع الحرب النووية. منذ ذلك الحين لم يغب الفيلم أبدًا عن ذهن «جاكوبسن»، خاصة بعدما شاهده أكثر من ١٠٠ مليون أمريكى آنذاك، ونتجت عنه حالة من الرعب بين الجميع.

كان من بين هذه الملايين شخص يقطن البيت الأبيض، هو الرئيس الأمريكى رونالد ريجان، الذى تثبت سيرة حياته ومذكراته الشخصية أن هذا الفيلم ساعد فى تحويله إلى أحد دعاة نزع السلاح النووى، فى فترة ولايته الثانية.

لم يمضِ الكثير من الوقت حتى زاد مخزون العالم من الرءوس النووية إلى حد الذروة، قبل أن يبدأ بعدها فى التراجع بسرعة أيضًا، من ٧٠ إلى ١٢ ألف رأس نووية فى الوقت الحالى، وفقًا لـ«اتحاد العلماء الأمريكيين».

ومع ذلك، لا يزال هناك ما يكفى من الرءوس النووية لتحويل كوكب الأرض إلى صحراء مشعة، مع بعض رءوس حربية لجعلها تتوهج، خاصة فى الوقت الذى أصبح فيه الوضع العالمى أكثر خطورة من أى وقت مضى، منذ أزمة الصواريخ الكوبية، فى ظل استمرار الغزو الروسى لأوكرانيا بلا رحمة، وتفكير الصين فى السير على خُطى موسكو فى تايوان. 

يظل خطر الحرب النووية أمرًا ملحًا كما كان دائمًا، لكن صوت الحديث عن هذا الخطر بدأ يخفت فى الخطاب العام، ولهذا شعرت الصحفية والكاتبة آنى جاكوبسن بأن هذا هو السبب الذى دفعها لتأليف كتابها الجديد: «الحرب النووية: سيناريو».

تقول «جاكوبسن»: «كان الناس، ولعقود عديدة، يُسلّمون بأن التهديد النووى انتهى عندما سقط جدار برلين، مع اجتزاء التهديد الوجودى للأسلحة النووية فى الخطاب الرئيسى العام، وتحوله إلى مجرد نقاش تقنى»، مضيفة: «لقد أصبحت الأسلحة النووية وكل المصطلحات المتعلقة بها متخصصة جدًا، لدرجة أنها أصبحت موضوعًا لمن هم على دراية بهذه المصطلحات فقط».

وتسعى «جاكوبسن»، فى روايتها الجديدة، لخرق «رطانة» هذه المصطلحات والبيانات، لتقديم قصة مرعبة، بطريقة مبسّطة، يمكن من خلالها التحذير من أن الأمر لن ينتهى بطريقة جيدة. فكما عنوان الغلاف، فإن الرواية تقدم بالفعل سيناريو واحدًا للحرب النووية، ربما يجرى فى الوقت الحاضر. 

ويدور هذا السيناريو حول أن كوريا الشمالية تقتنع بأنها على وشك التعرض إلى هجوم، فتطلق ضربة صاروخية مفاجئة ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ما يدفع واشنطن للرد بـ٥٠ صاروخًا باليستيًا من طراز «Minuteman III» عابر القارات.

ستكون هذه الصواريخ موجهة إلى مواقع الأسلحة ومراكز القيادة فى كوريا الشمالية. لكن للوصول إلى أهدافها المقصودة يجب عليها عبور الأجواء الروسية، لأنها لا تملك المدى لاستخدام أى مسار آخر.

ولإدراكه التام لاحتمالية وقوع خطأ فى التقدير، يحاول الرئيس الأمريكى الاتصال بنظيره الروسى، لكن بما أن علاقة الرجلين والدولتين اللتين يحكمانهما ليست بأفضل حال، فإن الأمريكى يفشل فى الاتصال بالروسى.

يفاقم ذلك الأمر سوءًا، خاصة بعدما يبالغ نظام الإنذار المبكر الروسى بالقمر الصناعى «توندرا» فى تقدير حجم الهجوم الأمريكى، فيأمر الرئيس الروسى، الذى يشبه فلاديمير بوتين فى كل شىء ما عدا الاسم، من ملجأه الخاص فى سيبيريا، بشن هجوم نووى شامل على الولايات المتحدة.

الإطلاق بمجرد الإنذار

يستند السيناريو سالف الذكر إلى حقائق معروفة حول الترسانات النووية العالمية وأنظمتها وعقائدها. ورغم أن كل هذه الحقائق موجودة فى العلن، تعتقد «جاكوبسن» أن المجتمع الدولى قد تجاهلها، ربما بسبب صدمته.

صُعقت «جاكوبسن» عندما اكتشفت أن الهجوم بصواريخ عابرة للقارات ضد كوريا الشمالية يستوجب المرور عبر الأجواء الروسية، وأن نظام الإنذار المبكر الروسى ملىء بالأعطال، وهى حقيقة مقلقة بشكل خاص.

يأتى القلق من أن لدى الولايات المتحدة وروسيا جزءًا من ترسانتهما النووية جاهزًا للإطلاق فى غضون بضع دقائق. كما أن كليهما لديه «عقيدة نووية» قائمة على فكرة «الإطلاق عند الإنذار»، دون انتظار وصول أول رأس نووى إلى أراضيهما.

سيكون أمام الرئيس الأمريكى بضع دقائق فقط لاتخاذ قرار، إذا ما أشارت أنظمة الإنذار المبكر الأمريكية إلى هجوم وشيك. خلال هذه الدقائق القليلة سيكون عليه أو عليها معالجة تدفق عاجل ومعقد وغير مكتمل من المعلومات والنصائح من كبار مسئولى الدفاع.

تشير «جاكوبسن» إلى أنه فى مثل هذه الظروف من المحتمل أن يكون الرئيس «عرضة للتشويش»، بعدما تصدح أصوات عسكرية متعددة تحثه أو تحثها على اتباع البروتوكولات التى تؤدى بشكل حتمى إلى «إطلاق نووى انتقامى».

وتقول الروائية الأمريكية: «فغرت فاهى من كثرة ما عرفته، والذى لم يكن سريًا، بل أُزيل أو بالأحرى اُجتزئ من الخطاب العام. كنت أجد نفسى مصعوقة باستمرار من مدى جنون ما عرفته، بالإضافة إلى حقيقة أن كل ذلك متاح للجمهور».

فى النهاية، الرؤساء فقط يمكنهم اتخاذ مثل هذا القرار، وبمجرد اتخاذه، لا يملك أحد السلطة لمنعه، وهذا يسمى «السلطة المطلقة»، وعلى الأرجح فإن هذه أكثر الحقائق رعبًا فى العالم اليوم.

ذلك يعنى أن عددًا قليلًا من الرجال يملكون القدرة على إنهاء العالم فى بضع دقائق، دون الحاجة إلى استشارة أى شخص آخر. هؤلاء ليسوا المجموعة التى يرغب أى أحد فى منحها مسئولية كهذه، بمن فيهم فلاديمير بوتين وكيم جونج أون. 

فى واشنطن هذا العام، يتعين الاختيار بين جو بايدن (وقت كتابة المقال)، ودونالد ترامب، وكلاهما يمكن أن يتخذ قرارًا محتملًا قد ينهى الكوكب، بكل ما يحمله من ضعف بشرى وغضب وخوف و«بارانويا».

تضيف «جاكوبسن»، متحدثة عن انتخابات الرئاسة الأمريكية هذا العام: «كنت أرغب فى أن يكون القائد الأعلى عاقلًا، ومسيطرًا تمامًا على قدراته العقلية، وغير متقلب ولا يُثار غضبه».

وتتابع: «هذه سمات شخصية مهمة لا بد أن يفكر بها الناس عندما يصوتون للرئيس، وذلك لسبب بسيط، وهو أن هذا الرئيس هو الوحيد الذى يمتلك السلطة المطلقة لاستخدام الأسلحة النووية».

آني جاكوبسون