الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

فاطمة المعدول: مشوارى مع الطفل وراء اختيارى شخصية معرض الكتاب

فاطمة المعدول
فاطمة المعدول

منذ أسابيع قليلة تعرضت الكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول لأزمة صحية شديدة، لكن بمجرد الإعلان عن ذلك الخبر، انطلقت فى الوسط الثقافى مظاهرة حب وتضامن مع كاتبة الطفل الشهيرة، بشكل أسهم فى تخفيف آلامها واسترداد عافيتها.

وتوجت حالة التضامن الجميلة مع فاطمة المعدول بخبر أدخل السرور بشكل أكبر على قلبها، وهو اختيارها شخصية العام فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ56 المقبلة، إلى جانب الدكتور أحمد مستجير.

وخلال الحوار التالى الذى أجرته «حرف» معها، كشفت فاطمة المعدول عن أنها تنتقل من مرض إلى آخر منذ فترات طويلة، لكنها فى الوقت نفسه تنتقل من «حنية» إلى أخرى، ومن «طبطبة» إلى «طبطبة»، وفق وصفها.

واعتبرت الكاتبة الكبيرة جهودها ومشوار عملها فى مجال الكتابة للطفل هو الذى أسهم فى اختيارها شخصية لمعرض الكتاب، متمنية أن تكون لدينا قناة خاصة بالطفل، بأيادٍ مصرية بالكامل، بعيدًا عن الفضائيات المدبلجة. 

■ كيف ترين اختيارك شخصية معرض الكتاب لهذا العام مع الدكتور أحمد مستجير؟

- أنا سعيدة جدًا، والحقيقة أنا أنتقل منذ فترة طويلة من مرض إلى مرض، ولكن أنتقل من حنية إلى حنية ومن طبطبة إلى طبطبة، وأشكر كل التكريمات التى جاءتنى فى الفترة الماضية من المجلس الأعلى للثقافة ومن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.

واتصل بى أمس ناقد كبير جدًا وقال لى إن نجيب محفوظ كان يكتب ولا يشعر بما يفعله على أرضية الأدب المصرى والعربى، وأنتِ مثله تمامًا تكتبين ولا تعرفين روعة ما تكتبين، ولكنى عرفت حين مرضت، عرفت من التواصل والمكالمات ووقفة الكثيرين بجوارى، بركان حب كبير جدًا انفجر فى وجهى، ولم أكن أتخيله ولم أكن لعمرى أحس به، ولكن أحسست به الآن، ويا لها من فرحة كبيرة.

وأشكر رئيس هيئة الكتاب الدكتور أحمد بهى الدين العساسى، والهيئة الاستشارية للمعرض، على اختيارهما لى، والآن أقول لك إنى أحسست أن عملى فى الكتاب وإسهاماتى فى تطوير كتاب الأطفال منذ أن كنت فى «ثقافة الطفل» لم تذهب هباء، لأننى شعرت بأن ما فعلته مقدر تمامًا، وهذا من نعم الله الكثيرة علىّ، أمام كل تعب كانت هناك فرحة وحب.

■ الوسط الثقافى شهد مظاهرة فى حب فاطمة المعدول.. كيف ترينها؟

- فى الحقيقة أنا متأثرة وممتنة جدًا فى نفس الوقت، وهذا شكر كبير أحمله فى رقبتى لكل من كتب واتصل وعبّر عن محبته، صدقنى أن تجد كل هذا الحب فى أواخر أيامك فهذا شىء عظيم، كلنا نفعل ما نفعل لننال الحب، والحقيقة أنا لا أستطيع التعبير عن كل هذه المحبة الجارفة التى رأيتها منذ أن مرضت واكتمل ذلك بحالة محبة كبيرة بعد اختيارى شخصية معرض الكتاب هذا العام.

■ منجزك كبير فى كل ما يتعلق بثقافة الطفل.. هل أسهم ذلك فى اختيارك شخصية المعرض؟

- فى الحقيقة نعم، ولكن لا أعتقد أن اختيارى كان لأننى كاتبة للطفل فقط، بل لأننى عملت بالفعل فى «ثقافة الطفل»، وحاولت دفع هذه النوعية من الكتابة للأمام عبر الورش والمبادرات التى فتحت الطريق للقطاع الخاص، وعملت فى مشروع مكتبة الأسرة، وبخلاف ذلك عملت على تطوير كتاب الأطفال نفسه، والكتابة بالطبع تحتاج للكثير لكننا وفرنا أدوات أخرى بجانب الكتابة لتنمية المهارات الإبداعية ومحاولة اكتشاف الطفل لنفسه.

■ كيف استفدتِ من عملك فى «ثقافة الطفل»؟

- أنا مدينة جدًا لكونى عملت فى قصر ثقافة، وقصر ثقافة الطفل بجاردن سيتى تحديدًا، ولك أن تعرف أننى أصبحت فاطمة المعدول بفضل هذا القصر، وما كان يتم فيه، أنا عينت فى قصر ثقافة به مسرح، وليس فى مسرح، وبالتالى أجريت معايشات يومية للأطفال، وعرفت كل شىء من خلال الأطفال، وكنت أعدل العروض لكى يراها الأطفال ويعجبوا بها، ومن هنا نشأ فهمى للطفل، وعرفت ما الذى يحتاجه، ففعلت كل شىء بناء على فهمى له، وانجذبت لأشياء أخرى، فنظمت الكثير من الورش والمبادرات، وعملت فى مسرح العرائس ودربنا الكثيرين، واهتممت بالكتابة وورش العمل، وعملت مع الكبار للأطفال، وكل هذا سببه قصر ثقافة الطفل.

فوز فاطمة المعدول بمسابقة كامل كيلانى لأدب ورسوم الطفل 

■ ما رأيك فى كتابات أدب الطفل هذه الأيام؟

- أنا أرفض مصطلح أدب الطفل، لأنه محكوم فقط بالكتابة، ولكن فى مجال الطفل هناك منظومة متكاملة، كاتب يكتب، ورسام يرسم، ومخرج ينفذ، وناشر ينشر، إذن هى منظومة كبيرة وليس مجرد كتابة للطفل، أين دور الرسام إذن؟ وأين دور المخرج المصمم للكتاب الذى يوافق الرسوم ببعضها ويجعلها فى وضع محبب للعين؟ وأين دور الناشر الذى يطبع وينشر الرسوم على ورق روشيه أبيض ليسعد الطفل؟ صدقنى، لو كتب أعظم أديب للطفل فلن ينجح إلا بالرسوم، وأحيانًا تكون الرسوم أفضل من الكتابة، الكتاب وحدة متكاملة وليس هناك أدب أطفال إلا بعد ١٢ سنة، حين يكون الطفل قادرًا على الاختيار والقراءة بعيدًا عن الرسوم المصاحبة.

■ ما الذى تأملينه فى الفترة المقبلة للطفل؟

- أنا أطمح أن تكون لدينا قناة خاصة بالطفل، قناة بأيدٍ مصرية، يتحدث فيها أطفال مصريون، بعيدًا عن القنوات المدبلجة التى غزت لغتنا وثقافتنا، بعيدًا عن الكارتون المدبلج الذى يحض على أمور بعيدة عنا، نريد برامج حوارية لأطفال مصريين، برامج هادفة، برامج تمجد فى حضارتهم المصرية وتحيى فيهم هويتهم الثقافية، برامج تعزز الانتماء، وأنت لديك هوية عظيمة فكيف نسمح لها أن تتسرب وتحل محلها قناعات أخرى من قنوات أخرى دخيلة. 

■ كانت لكِ الكثير من الجولات والأسفار أيضًا من أجل الأطفال؟

- نعم أنا سافرت كثيرًا ولكن ليس كل سفرياتى خاصة بالعمل فى مجال الطفل، سافرت مثلًا مع أولادى وزوجى لينين الرملى، ولكن كان الطفل بالفعل مسيطرًا علىّ، فكنت أراقب فى الصين والدول التى زرتها كيف تهتم بالطفل، وعرفت ما الذى نحتاجه فى بلادنا، عرفت أنه يجب أن تكون هناك مكتبة فى كل قرية، مكتبة بسيطة ليس مهمًا أن تكون من الرخام أو الجرانيت، مكتبة فقط بأرفف مليئة بالكتب لكل السنوات وتشبع احتياج كل قارئ، مكتبة تلجأ إليها الأم والأخ والطفل والكبير وكل المراحل السنية، مكتبة تحتفى بالكتاب وتنظم مسابقات فى الكتب والقراءة فقط، القراءة حصن كبير نحصن به أولادنا من كل شىء.

أريد مركزًا ثقافيًا بسيطًا، كلنا نرى ونشاهد كيف يهتمون بالطفل فى كل العالم وكل الاهتمام بالطفل ينبع من المكتبة، مكتبة بسيطة فقط ولا شىء آخر، والحقيقة أنا طالبت بهذا الأمر منذ عشرين عامًا، بأن تكون هناك مكتبات فى كل قرية.

■ أنت فى الأساس مسرحية.. كيف اتجهت للكتابة عن الطفل؟

- نعم أنا كنت مسرحية وأذكر أننى عملت مع سعد وهبة فى مسرح الطفل حين جاء المخرج الألمانى «كلاوس أوربان»، وتعلمنا منه كيف يمكن أن نخرج مسرحية للطفل، أذكر أن هناك فنانًا كان اسمه حسن الديب، وكان يؤدى دور كلب فى مسرحية فأوقفه «أوربان» وقال له ما تفعله هو ما يفعلونه فى السيرك، نحن هنا نجسد الأدوار، والحقيقة ولا أنكر هذا أننى تعلمت الكثير من كلاوس أوربان، علمنى الإخراج وهو حرفة، ولكنه علمنى القواعد والمكياج واللبس والتفاصيل الصغيرة، والمسرح لم يكن مجهزًا واستفدت منه كثيرًا جدًا.