الخميس 19 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

ياسر أيوب والهاجس الاجتماعي

ياسر أيوب
ياسر أيوب

قبل ما أعرف الدكتور ياسر أيوب، ما كنتش أعرف الحكاية دى.

فى صباى كنت أتصور إنه ما ينفعش يبقى فيه كاتب عنده سعة اطلاع فى مجالات مختلفة، ويقدر يدى إضافة فيها جميعًا. آه يعنى ممكن تتابع، ممكن تشجع، ممكن عندك تصورات عامة، إنما الكتابة اللى فيها إضافة شىء تانى، وما كنتش متخيل إنه ينفع، بس الدكتور ياسر أثبت إنه ينفع، صحيح يتطلب جهد كبير وشخصية خاصة، لكن ينفع.

هو أصلًا طبيب، وعلى ما أفتكر كان أول تعرفى عليه كـ كاتب هو مؤلفه: «وراء كل باب»، اللى كان كاتبه كـ طبيب، لكن كان برضه كاتب متمكن فى نفس الوقت، ثم كان لى شرف العمل معاه فى الدستور سنة ١٩٩٦، وهنا تعرفت على الجانب اللى بـ أقوله لـ حضرتك.

كان مسئول عن صفحة الفن، وكان لما يتكلم عن الأغانى والسينما، تندهش جدًا «وقتها» مش هو دا الدكتور اللى كان بـ يتناول موضوع بيولوجى بـ خلفية اجتماعية، إزاى هو على نفس القدر لما يتناول عمل فنى؟ ويقدر يكوّن وجهة نظر جديرة بـ التقدير، وساعتها طرح موضوعات استغرق فيها المجال العام لـ فترة.

ثم بدأت أتعرف أكتر، وأظن إن علاقته بـ كرة القدم أشهر من الكلام عنها، سواء فيما يتعلق بـ النادى الأهلى، أو تاريخ الكورة فى مصر عمومًا، وفى الفترة دى فهمت منه إنه هذا النشاط له مداخل مختلفة وعميقة غير جووون، وبيب بيب أهلى، توت توت زمالك، صحيح نجيب المستكاوى كان له باع فى ذلك، لكن ما أتحدث عنه هنا أمر مختلف.

المستكاوى كان بـ يكتب (فى) الكورة، و(فى) الرياضات المختلفة، مستفيدًا من كونه مثقف كبير، الاستفادة دى تظهر فى الجدية وفى اللغة الرصينة الرشيقة، وفى أسلوب الكتابة، لكن فى النهاية الحديث عن مدخل آخر لـ النشاط أمر مختلف.

لـ الأسف، ما طولتش الفترة اللى اشتغلت فيها معاه، ما استمرتش سنين يعنى، لكن معرفتى بيه كانت محرك إنى لا أتجمد عند مجال واحد، وطالما أمتلك الأدوات، فـ إهمال ملف من الملفات هـ يكون خسارة لى، ولـ القارئ الكريم اللى ممكن أقدم له حاجة، فـ بدأت وأنا فى تلك السن الصغيرة أتعلم توزيع جهدى بين أمور تبدو متنافرة، لكنها ليست كذلك.

لما تابعت بـ اهتمام تجربة د. ياسر، لقيت إنها علشان تبقى «ليست كذلك»، علشان ما يكونش فيه تنافر، فـ المشروع لازم يبقى له «عمود فقرى»، يعنى إنت لا تستغرق فى كل مجال بـ كل معطيات المجال نفسه، إنما إنت عندك ميزان، أو خلينا نقول مفتاح، تدخل بيه كل غرفة، فـ تبقى داخل الغرفة فعليًا لكن من بابك إنت.

هو كان عنده الهاجس الاجتماعى طول الوقت، يعنى تجليات تلك المجالات فى حركة المجتمع المصرى عبر عصوره، فـ لما يتكلم عن الأهلى زى ما يتكلم عن عمرو دياب زى ما يتكلم عن تاريخ استاد القاهرة، فى كل مرة الطعم واحد، رغم إنه بـ يقدم لك الفايدة والخدمة اللى هى معلومات.

بـ مناسبة المعلومات، كان من الحاجات اللى اتعلمتها منه تثمين المعلومة ومحاولة ضبطها قدر الإمكان، والاحتفاء بـ ناقلها أيًا كان هو مين. وهو من الناس اللى وإنت بـ تقرا لهم عارف إنك مش هـ تتعب كتير فى مراجعة وتدقيق ما أورده من معلومات، نادرًا ما كتب حاجة، بعدين تبين لى إنها تأليفة «مش شرط منه» كتير بـ نقع فى نقل تأليفات، خصوصًا لو ما كانش عندنا حساسية التدقيق.

د. ياسر أيوب.. شكرًا