الجمعة 18 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أحمد شاهين.. الملحن

حرف

مش متأكد إذا كان قسم الأرشيف والإخراج الفنى فى جريدتنا العزيزة هـ يلاقوا صورة لـ أحمد شاهين يرفقوها مع المقال، ولا هـ يدوروا مش هـ يلاقوا، وهو دا أكتر جزء حزين فى الموضوع.

أحمد شاهين ملحن. ومش عايز أحط صفة من نوعية ملحن عظيم، ملحن رائع، ملحن مدهش... إلخ، هو ملحن ودى لـ وحدها حاجة كبيرة جدًا، وخلينى أقول لـ حضرتك مفهومى لـ الملحن، وليه بقى شىء كبير إنك تصف حد بـ هذا الوصف.

معظم الأغانى اللى بـ نسمعها فى آخر ٤٠ سنة، هى عبارة عن تيمة، أو جملة موسيقية، مهما كانت حلوة ومميزة، فـ العمل كله بـ يتبنى عليها، وتكاد تكون هى الحاجة الوحيدة فيه، وكمالة الأغنية تخديم على التيمة دى ودمتم، ومش هو دا التلحين كما أفهمه، إنما التلحين وجهة نظر وبناء متكامل، وعالم من الجمل الموسيقية والنقلات، حتى لو كان فى أربع خمس دقايق، إنما من غير وجود هذا «العالم» ما تقدرش تقول فيه «لحن».

فى التمانينات بدأ يحصل نوع من الاستخسار لـ الجمل اللحنية المميزة، يعنى المقدمة الموسيقية لـ زى الهوا مثلًا، أو موعود، المقدمة بس، ممكن يتعمل منها أربع خمس أغانى، وهو دا اللى حصل بـ الفعل، كانوا بـ يفككوا أغانى بليغ وربما عبدالوهاب أو فريد، وكل جملة يعملوا منها غنوة، والحكاية كل مادة بـ تزيد.

هل مثلًا أغنية زى «مال القمر ماله» ميزتها إنه مزيكتها «حلوة»؟ يعنى إيه حلوة أساسًا، إنما شوف فيه كااااام مرة رحنا وجينا وطلعنا ونزلنا وحاجات سلمت حاجات فى دقايق معدودة، هو دا اللى اسمه «اللحن».

من الموسيقيين اللى قابلتهم فى حياتى نوادر اللى كان بـ يعز عليهم دا، وكانت معركتهم فى الحياة هو محاولة عمل «لحن» بـ المفهوم اللى بـ نتكلم عنه، والموازنة بين دا وبين متطلبات السوق، ودى عملية شديدة الصعوبة، لكن كان على راس هؤلاء أحمد شاهين.

فى البداية لقى فى المسرح منطقة ربما تكون مناسبة، واشتغل أعمال كتير، لـ الأسف مش هـ نلاقيها فى الأرشيف، المسرحيات نفسها ما كانتش بـ تتسجل لـ إنها مسرح الدولة، إنما فى التسعينات كانت لينا مع شاهين ليالى وليالى، فضلًا عن العرض نفسه، كنا بـ ننظم حفلات بسيطة بـ إمكانيات فقيرة، أو حتى قعدات فى بيوتنا، وفى فترة كنت ساكن معاه، وكانت أيام فى منتهى البهجة.

ما يأسش أحمد وحاول يلاقى طريق وطريقة فى السوق، ودا كان عمل شاق ومعقد، وقدر يعمل أغنيات ناجحة جدًا، يمكن ما عبرتش تمامًا عن قدراته التلحينية، لكن تجاريًا كانت هايلة، ولا تخلو من محاولات وأفكار وتجريب، منها مثلًا: «أنا بحبك إنت» لـ داليا، «أمير العشق» لـ فارس، «ليه يا دنيا الواحد» لـ منير وخالد عجاج، ومن أميز حاجاته «يا عينيك يا كلامك» لـ محمد فؤاد.

مع بداية الألفية، أعتقد إنه شاهين مسك خط، وكانت عينيه تلمع لما بس تيجى سيرة خططه لـ اللى جى، يقول لك: أنا عايز أستفيد من تجربة منير مراد، وأخلطها بـ خبرات المسرح، وأعمل خلطة شكلها كيت وكيت، تحافظ على كونى بـ أقدم لحن، وفى الوقت نفسه يبقى مقبول من المنتجين والمطربين، وبدا واضحًا إنه فعلا جى، ودا يبان من إقبال الوسط على أعماله.

بس مات!

اتوفى فجأة دون أى مقدمات أو مشاكل أو أمراض أو متاعب أو أى حاجة، لـ درجة إنى لما سمعت من أصدقائنا قعدت كذا يوم مش مصدق، الله يرحمك يا شاهين، ويرحمنا معاك.